ترك برس

رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي قدير أوستون، أن قضية انضمام فنلندا والسويد إلى حلف (الناتو) أصبحت ورقة رابحة لتركيا، على خلفية طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن بيع طائرات "إف-16" لتركيا.

وأفادت وسائل الإعلام أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أرسل خطابًا إلى الكونغرس يطلب فيه الموافقة على بيع طائرات إف-16 لتركيا.

ويأتي هذا التحرك عقب تصديق البرلمان التركي على بروتوكول انضمام السويد إلى حلف (الناتو)، وتشير هذه التطورات - وفق أوستون - إلى أننا نقترب من نهاية المسألة المتعلقة ببيع طائرات إف-16، والتي كانت مطروحة على جدول الأعمال منذ فترة طويلة. 

وقال أوستون في مقال بصحيفة يني شفق إنه في حال إتمام البيع فسيتضاءل إلى حد ما انعدامُ الثقة الذي ساد بين البلدين منذ سنوات، والذي كان هو السبب الرئيسي وراء تعقيد عملية بيع الأسلحة التي كان من المفترض أن تكون روتينية بين حليفين في الناتو.

"وسيكون من المفيد لكلا البلدين التغلب على هذه المشكلة، ولكن من السابق لأوانه القول إن فترة جديدة قد بدأت بين البلدين. وقد يؤدي بيع طائرات إف-16 إلى تقليل مشكلة الثقة المتبادلة، مما قد يمهد الطريق لبدء فترة جديدة".

في عهد إدارة ترامب قامت تركيا بشراء نظام S-400 من روسيا، ما أدى إلى استبعادها من برنامج طائرات إف-35، وفرض عقوبات على تركيا بموجب قانون "CAATSA" (قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات) بضغط من الكونغرس.

آنذاك - يضيف أوستون - حاول وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو تهدئة أنقرة بالقول إن هذه العقوبات تستهدف روسيا وليس تركيا. لكن ترامب اختار تطبيق العقوبات على أدنى مستوى ممكن، ما حال دون انقطاع العلاقات الثنائية تمامًا.

وفي الواقع أدت هذه العقوبات التي أوقفت مبيعات الأسلحة الغربية لتركيا، إلى زيادة قدرة تركيا على التفوق في مجال الدفاع، حيث بدأت في تطوير قدراتها الذاتية في هذا المجال. وفق الكاتب.

وإضافة إلى العقوبات الأمريكية والاستبعاد من برنامج طائرات إف-35، شكلت الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة بشأن سوريا أحد أبرز عوامل انعدام الثقة بين البلدين، ولا تزال كذلك. فقد عارض الكونغرس الأمريكي بشدة قرار الرئيس ترامب بسحب القوات الأمريكية بالكامل من سوريا. وقاد أعضاء الكونغرس، بدعم من القيادة المركزية الأمريكية والصحافة الأمريكية، حملة ضد ترامب تحت شعار "أمريكا تترك حلفاءها الأكراد تحت رحمة تركيا".

وبالرغم من محاولات ترامب الانسحاب من سوريا عدة مرات، إلا أنه فشل في ذلك، واستمر في تنفيذ سياسة "دعم القوى المحلية" التي كانت تتبعها إدارة أوباما. وقد اعترف ترامب صراحةً في عدة مناسبات بأن تركيا كانت على حق في موقفها، لكنه هُزم أمام السياسة الأمريكية.

وتابع الكاتب: لقد كان لطلب الرئيس الأمريكي جو بايدن بيع طائرات إف-16 لتركيا، تأثير سياسي يمكن أن يعيد العلاقات التركية الأمريكية إلى مسارها الصحيح. فهذا الطلب مؤشر على أن العلاقات الدفاعية بين البلدين والتي تعود إلى فترة طويلة يمكن أن تستمر كما كانت من قبل.

وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض الأوساط في المطالبة بإخراج تركيا من حلف شمال الأطلسي (الناتو) ـ على الرغم من أن هذا غير ممكن من الناحية الفنية ـ فإن طلب بيع طائرات إف-16 يمثل خطوة في الاتجاه المعاكس، حيث كان بمثابة خطوة لتعزيز قدرات الناتو. بعبارة أخرى إن استمرار تركيا في تشغيل أسطولها من طائرات إف-16، والذي تستخدمه منذ سنوات عديدة، يعني أن قدرات الناتو ستظل قوية. كما أن هذا الطلب يثبت خطأ أولئك الذين يزعمون أن تركيا تقترب من روسيا وتتجه نحو الانفصال عن الغرب.

ورغم وجود هذه التوازنات، واصل الكونغرس الأمريكي عرقلة الطريق أمام تركيا، فقد طالب السيناتور مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بسلسلة من الضمانات من تركيا، خاصة فيما يتعلق باليونان، مقابل الموافقة على بيع طائرات إف-16.

كان مينينديز معروفًا بموقفه المعادي لتركيا، وكانت تصريحاته تشير إلى أن تركيا لن تحصل على طائرات إف-16 مهما فعلت. وبعد أن تم عزل مينينديز بسبب فضيحة رشوة، برز سياسيون أكثر اعتدالاً ولكنهم ما زالوا ينتقدون تركيا. كان من الضروري أن يتدخل البيت الأبيض ويتحمل المخاطر السياسية لإقناع السيناتورات.

ومع ذلك، لم يكن يبدو أن إدارة بايدن تنوي التفاوض مع الكونغرس بشأن تركيا. فقد ألقى البيت الأبيض الكرة في ملعب الكونغرس، وأكد دعمه للبيع، لكنه لم يرغب في اتخاذ أي خطوة قد تؤدي إلى تدهور العلاقات مع الكونغرس أو تتطلب منه تقديم تنازلات.

وفي هذا السياق أصبحت قضية انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو ورقة رابحة لتركيا. في الواقع لم تكن تركيا هي التي جعلت من توسيع الناتو شرطًا لبيع طائرات إف-16، بل كان الكونغرس الأمريكي. فقد كتب السيناتورات رسالة إلى بايدن يؤكدون فيها عدم الموافقة على بيع طائرات إف-16 لتركيا قبل انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، مما وضع عقبة جديدة أمام تركيا.

وبموافقة تركيا على عضوية هذين البلدين، لم يعد لدى الكونغرس أي حجة أو ذريعة للرفض. والآن يتعين على إدارة بايدن أن تبادر وتتدخل لإنهاء هذه الصفقةن وإلا فقد تصبح أزمة الثقة بين الحليفين غير قابلة للإصلاح.

بعد حل مسألة طائرات إف-16، تبرز قضية استمرار الدعم الأمريكي لتنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي في سوريا باعتبارها المشكلة الأكثر تعقيدًا التي يتعين حلها في العلاقات الثنائية. لقد كان الإصرار الأمريكي على دعم "واي بي جي" هو العامل الأكثر تدميراً للثقة بين البلدين، وعلى الرغم من المساعدات الأمريكية، لم تتراجع تركيا عن نشاطها العسكري ضد تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي، وبذلت جهودًا دبلوماسية طويلة الأمد لحل هذه المشكلة بصبر.

وبالنظر إلى علاقات الولايات المتحدة مع مجموعات أخرى والتزاماتها الخارجية، نرى أنها تخلت عن هذه الالتزامات في مرحلة ما، ولن تكون علاقتها مع "واي بي جي" الإرهابي مختلفة كثيرًا. وعندما تعيد أمريكا النظر في علاقتها مع " واي بي جي" الإرهابي، يمكن لتركيا أن تحقق النتائج التي تريدها من خلال لعب أوراقها بشكل صحيح. وإن توقفت الولايات المتحدة عن دعم تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي، فسيكون ذلك بمثابة خطوة كبيرة نحو حل مشكلة الثقة في العلاقات التركية الأمريكية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!