ترك برس

تحدث الخبير والكاتب الصحفي التركي سلجوق تورك يلماز، عن السبب الرئيسي الذي دفع شريحة كبيرة من اليهود إلى معارضة مشروع تأسيس دولة إسرائيل، والفرق بين الصهيونية واليهودية.

وأشار تورك يلماز في بداية مقال تحليلي في صحيفة يني شفق إلى حديث الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي عن تعاون الصهاينة مع زعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر حتى عام 1941-1942، على عكس اليهود.

وقال الكاتب إن الدول التي تمثل العقلية القمعية، بدءا من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا، اتبعت نفس المسار الذي رسمه الصهاينة، وحاولت قمع حركات الطلاب المؤيدة لفلسطين باستخدام القوة. واتهمت هذه الدول، بالتعاون مع الصهاينة، الطلاب بمعاداة السامية. مع أن غارودي قد وضح بشكل جلي الفرق بين اليهودية والصهيونية.

وأضاف: اليوم يتبع المشاركون في الاحتجاجات الطلابية نفس المسار، ويضعون خطا فاصلا واضحا بين الصهيونية واليهودية. وفي هذا السياق يعد ربط وجود إسرائيل كأيديولوجية استعمارية بالصهيونية، أمرا في غاية الأهمية.

وقد استشهد غارودي بكتاب مشهورين يهود مثل مارتن بوبر الذين كانوا معروفين بهويتهم اليهودية، من أجل توضيح أفكاره. فهؤلاء أيضا كانوا يرون الصهاينة ممثلين للاستعمار والإمبريالية. من هذا المنظور لا عجب أن تعاونت المنظمات الإرهابية التابعة للحركة الصهيونية مع هتلر حتى عام 1942. يقول الكاتب التركي.

ووفقا لغارودي لم يهتم الصهاينة بإنقاذ اليهود، بل سعوا بدلا من ذلك إلى تأسيس دولة إسرائيل كمشروع استعماري وإمبريالي. وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع شريحة كبيرة من اليهود إلى معارضة هذا المشروع. وبالرغم من تراجع عدد اليهود المعارضين للصهيونية، خاصة بعد الخمسينيات، إلا أن "الطبيعة الاستعمارية والإمبريالية لإسرائيل" لم تتغير أبدا.

وتابع تورك يلماز: يؤكد العديد من المتابعين عن كثب لوحشية إسرائيل وجرائم الحرب التي ترتكبها في غزة وفلسطين، على سمة مهمة للغاية تتعلق بالتحركات العالمية المؤيدة لفلسطين. ففي الواقع يعبر الطلاب المؤيدون لفلسطين عن مشاركتهم في احتجاجات ضد الصهيونية كأيديولوجية استعمارية.

ونتيجة لهذا التمييز، لم تتمكن إسرائيل من اتهام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بمعاداة السامية. فقد حاولوا وصم الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين التي بدأت في الجامعات الأمريكية بمعاداة السامية، ولكن عندما وصل الأمر إلى قرارات المؤسسات الدولية، لجؤوا مباشرة إلى تهديد أعضاء المحكمة.

وفي هذا الصدد ليس من قبيل الصدفة أن يتم تسليط الضوء على "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، وبالتالي يمكننا القول إنهم طوروا موقفين مختلفين، وذلك بعد أن أدركوا استحالة وصم كل من الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين والمؤسسات الدولية بنفس المفاهيم. وفق الكاتب التركي.

وتابع المقال:

من هذا المنطلق، يمكن أن يكون أولئك الذين يعارضون تشبيه الأحداث الحالية بأحداث عام 1968 على حق، لكن في نفس الوقت، برزت محاكمات نورمبرغ إلى الواجهة.يصيب من يقول إن هذه الأحداث تمثل نقطة تحول مهمة. "فقد باتت الطبيعة الاستعمارية لمبدأ تطبيق العدالة الدولية على الآخرين فقط، أكثر وضوحا من أي وقت مضى." ويقدم لنا هذا تغييرا جوهريا آخر. فكانت كل من محاكمات نورمبرغ وأحداث عام 68 بمثابة الركائز الأساسية للعالم ثنائي القطب.

لقد تم ترسيخ هذه الأحداث في الذاكرة، وكانت تمثل نجاحا للامبريالية الأمريكية الأوروبية التي دامت حوالي سبعين عاما. تعد الجملة المقتبسة أعلاه من مقال ديفيد هيرست "لقد علقت المحكمة الجنائية الدولية ترخيص إسرائيل للقتل" المنشور في موقع "ميدل إيست آي" ذات أهمية كبيرة. فالأحداث تظهر "الطبيعة الاستعمارية لسلوك تطبيق العدالة الدولية على الآخرين فقط.

ويعد كشف الطلاب المؤيدين لفلسطين للطبيعة الاستعمارية لجامعات مثل كولومبيا من خلال احتجاجاتهم أمرا بالغ الأهمية أيضا. وهذا دليل على أن الاحتجاجت الطلابية ليست مجرد جهود يائسة. ففي خضم كل الاستفزازات المضادة، لم ينحرف الطلاب المؤيدون لفلسطين عن أفكارهم التي يمثلونها، مما يعد دليلا قاطعا على أن ما يقومون به ليست محاولات يائسة. فمن خلال فضحهم للطبيعة الاستعمارية والإمبريالية المذكورة، يرسلون رسالة إلى العالم أجمع.

عند تقييم الأحداث بشكل متكامل، يصبح من الواضح أننا نعيش حقبة تاريخية استثنائية. كلما استمرت المقاومة في غزة، زادت خسائر إسرائيل. كما يتكبد مؤيدو إسرائيل الخسائر أيضا. ويعد تصريح رئيس الدولة الإسرائيلي بأن "الحضارة الغربية على وشك الانهيار" أمرا بالغ الأهمية. فكما هو معروف كانت "مهمة التمدن" جزءا لا يتجزأ من الطبيعة الاستعمارية للقرن التاسع عشر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!