ترك برس

لا تزال عملية درع الفرات التي ينفذها الجيش التركي في شمال سوريا ضد تنظيم داعش والتنظيمات الكردية تحظى باهتمام ملحوظ في وسائل الإعلام الإسرائيلية.

في صحيفة هآرتس وصف محلل شؤون الشرق الأوسط تسفي برئيل، المعركة التي يخوضها الجيش التركي بأنها كشفت سوأة الغرب، وأظهرت الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها الولايات المتحدة وروسيا وحتى إيران عندما تجنبت شن الحرب ضد تنظيم داعش منذ عام 2014 ، حيث ينسحب  الآن تحت الضربات الجوية التركية ما يكشف محدودية قوته،  ويناقض التصورات الشائعة بأنه فكرة لا يمكن استئصالها.

وقال برئيل إن تركيا لم تحدد موعدا لانتهاء العملية العسكرية، والراجح أنها تنوي بمساعدة الجيش السوري الحر إقامة منطقة عازلة بطول مائة كيلومتر وعرض 30 كيلومترا تفصل بين الجيوب الكردية في سوريا وبين تركيا، وإقامة مخيمات ينقل إليها جزء كبير من اللاجئين السوريين.

وأشار برئيل إلى أن سياسة تركيا في منع إقامة إقليم كردي مستقل تتسق مع سياسة الولايات المتحدة وروسيا وإيران التي أعلنت نيتها الحفاظ على سوريا موحدة دون تقسيمها إلى مناطق حكم ذاتي.

ونوه المحلل الإسرائيلي إلى أن اندلاع مواجهة عسكرية بين الميليشيات الكردية والجيش التركي والجيش السوري الحر ستلحق الضرر بقدرة التحالف الغربي على شن معركة ضد تنظيم داعش في مدينة الرقة عاصمة التنظيم.

وخلص برئيل إلى أن تركيا سترغب في نهاية الأمر في سحب قواتها من سوريا، لكن هذا الانسحاب لا يمكن أن يعني ترك فراغ أو السماح للأكراد بالسيطرة على المنطقة، وسيضطر الأتراك إلى التوصل إلى تفاهمات مع النظام الجديد في سوريا من أجل من إقامة إقليم كردي.

وعن تأثير العملية التركية على الوضع على الساحة السورية رأت الباحثة والخبيرة في الشأن السوري إليزابيث تسوركوف أن التدخل التركي يتوقع أن يسرع من تقليص تنظيم داعش إلى مناطق صحراوية في شرق سوريا،وسيضمن إغلاق الحدود مع تركيا عجز التنظيم عن استبدال مقاتلين جدد بمقاتليه الذين قتلوا أو جرحوا في المعارك، كما أن العملية التركية تلحق ضررا كبيرا بطموحات الأكراد للتوسع في شمال سوريا كله. 

وقالت تسوركوف في مقال بصحيفة معاريف إن الأكراد الذين أعتقدوا أن اعتماد الأمريكيين عليهم في الحرب على داعش ستسمح لهم بتأسيس إقليم كردي مستقل على حدود تركيا، أصيبوا بخيبة أمل عندما وقفت إدارة أوباما إلى جانب تركيا وطالبتهم بسحب قواتهم من الضفة الغربية لنهر الفرات.

وأشارت تسوركوف إلى أن سرعة تقدم الجيش السوري الحر والقوات التركية على حساب داعش يدل على ضعف التنظيم الذي يتلقى هزيمة تلو هزيمة شوهت صورته، إلى جانب الجهود التركية لمنع انتقل المقاتلين إلى صفوف داعش عبر الحدود، ما دفع التنظيم إلى الاعتماد على التجنيد القسري للمدنيين وتجنيد الأطفال.

وأضافت أن الهدف الأول من العملية هو إغلاق الحدود أمام مرور داعش، أما المرحلة التالية التي لم يكشف عنها علنا فهي منع اتصال الكانتونات الكردية، لكن على القوات التركية والحيش السوري الحر في هذه الحالة التقدم غربا في اتجاه مدينة الباب ودابق اللتين يتحصن بهما التنظيم، ومن ثم فإن المعارك فيهما ستكون طويلة وصعبة.

ونوهت تسوركوف إلى أن قوات الثوار السوريين الذين اختيروا لمعركة تحرير جرابلس والمناطق  المحاذية للحدود التركية ينتمون إلى الجيش السوري الحر الذي يضم عشرات الفصائل السورية المعتدلة ، وأن عدم مشاركة فصائل متهمة بالتطرف في العملية يدل على خطط تركيا المستقبلية في ترك المنطقة تحت سيطرة الجيش الحر.

وأضافت أن المناطق المحررة ستكون مرشحا مثاليا لتكوين منطقة حظر طيران أو منطقة محمية كما ترغب تركيا، وسيكون من المستحيل عندئذ اتهام الدولة التي توفر مظلة حماية لها بأنها تساعد المنظمات المتطرفة، فضلا عن أن المبرر الإنساني لإنشاء هذه المنطقة مبرر واضح، حيث يكتظ  الآلاف من اللاجئين الذين يعيشون في ظروف مروعة  في مخيمات على الحدود التركية.

وخلصت تسوركوف إلى أنه على المدى القصير سيزيد التخل التركي من التوترات بين العرب والأكراد والتركمان في شمال تركيا، كما يبدو حاليا في الاشتباكات بين الجيش الحر وجيش سوريا الديمقراطي، لكن على المدى البعيد فإن هذا التدخل يملك إمكانية تخفيف التوتر العربي الكردي لأنه يحول دون تحكم الأقلية الكردية في أغلبية عربية غاضبة تفتقر إلى الحقوق السياسية  قد تتحول في يوم من الأيام إلى العنف ضد حزب البي واي دي الكردي. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!