د. إبراهيم عبد الله سلقيني - خاص ترك برس 

تقوم تركيا حاليًا بالموازنة بين روسيا وأمريكا، كمصارع بارع بين ثورين يسيل لعابهما على منطقتنا؛ فتثير الأول وتغريه بمكاسب المنطقة ليقف في وجه الثاني، فإذا حاول المراوغة خوفته بالميل للطرف الثاني ضده ليخسر كل شيء، وهذه حيلة العاقل أمام الثيران الأقوياء حتى يصلوا إلى حالة الإنهاك!!

بينما نجد سياسة سياسيينا هي:

1- التوحد مرفوض؛ لأن التفرق يربك العدو.

2- التفاوض والحلول السياسية مع بعضنا مرفوضة.

3- التفاهمات السرية مع بعضنا مرفوضة؛ لأن التفاهمات الموضوعية سيبددها عمق المصالح الدولية في المنطقة (لم أفهم العبارة، لكن هكذا وجدتها)!!

4- التفاوض مع من يريد التفاوض مع بعضنا مرفوض؛ لأن بيده موزة، ولا أدري هل التركيز على ذلك ذكاء سياسي أم مصدره دوائر استخبارات الأسد!!

5- التفاوض مع الأسد وروسيا وأمريكا والصين علنًا ضروري؛ لتثبيت وقف إطلاق النار الذي يستحيل أن يوقفه الأسد وروسيا وإيران وهم أقوياء. بينما التفاوض مع بعضنا لوقف إطلاق النار بيننا مرفوض - لا علنًا ولا سرًا - حتى لا يقصفنا الأسد وروسيا وإيران!!

6- لتحقيق هدف إطلاق النار نتقافز متفرقين كغِزلان شاردة إلى جنيف والأستانا، لنؤكد لجميع الأطراف أننا غير قادرين على أدنى متطلبات المرحلة وهي التوحد، وبالتالي فليس لدينا ولا ورقة ضغط واحدة لتحقيق ما نريد، بل حتى ورقة التوت نزعناها!!

7- يقف على الصف الآخر أقوام يطلبون من تركيا أن تعلن الحرب على روسيا وأمريكا والصين وأوروبا وإيران وآخرين!! ولا يعلم الغبي أن صواريخ هؤلاء ستنزل على رأسه في سوريا إن فعلت تركيا ذلك، وستزول الحكومة، ويطردونه من تركيا إذا كان مقيماً فيها، فما الذي يضره إن أذهبت الحكومة التركية ماء وجهها لأجل حمايته من صواريخ هؤلاء، في سفاهة لم تبدأها هي، ولم تكن هي طرفاً فيها في أي حلقة من حلقاتها!!

بالله عليكم متى ستتعلم تركيا السياسة من فطاحل السياسة في بلدي؟!!

فحينئذ ستبدأ تركيا بنا وستقول: بدأتم السفاهة لوحدكم دون استشارتنا، فأتموها لوحدكم دون قراراتنا، فالأجدر بالسيد الذي لا يُطاع أن يترك السيادة، ولتنظروا هل ستختار لكم أمريكا وروسيا الروافض كالعراق، أم ملاحدة البي كي كي، أم سيعيدوكم لحضن الوطن!!

للأسف؛

فرأسنا لا يزال كبيرًا جدًا، وثقة قادة فصائلنا بأنفسهم أكثر من ثقتهم بالله، فكل واحد منهم ينظر لنفسه على أنه رئيس دولة مستقلة، ويرسل مبعوثًا له لتمثيله في المؤتمرات والمحافل الدولية!! ويرفض التواصل مع أقرانه إلا على الصعيد الرسمي، والأسوأ أنه لا يلتقي بعناصره ولا بشعبه أبدًا!! ولكي يحافظ على هيلمانه هذا فهو يمارس مهام البلدية والمجلس المحلي ووزارة الكهرباء والمياه والتأمينات الاجتماعية والمالية والداخلية والخارجية وغيرها. كل هذا فوق واجباته العسكرية التي هي وظيفته الأساس؛ فيفشل بها جميعًا ولله الحمد!!

بينما نجد الموظف في الحكومة التركية (من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف في الدولة) له خط قانوني محدد لا يخرج عنه، بل يُحَاسَب إذا خرج عنه، وينظر له الناس على أنه خادم لشعبه، وجلوسه مع شعبه واجب لا يتمنن به على أحد، ولا يحق له أن يتكلم خارج مجال اختصاصه وعمله...

فهو من اللحظة التي أصبح فيها داخل جسد الدولة لم يعد حرًا!!

فهلا تعلم السياسيون الأتراك معاني الحرية المطلقة من السياسيين السوريين؛ ولا يهم بعد ذلك إن خربت دولتهم، أو احترقت المنطقة، أو اشتعلت حرب عالمية لإعادة تقسيم المنطقة من جديد!!

فمتى ستتعلم تركيا السياسة من سياسيينا؟!!

عن الكاتب

د. إبراهيم عبد الله سلقيني

دكتوراه في الفقه الاجتماعي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس