غونري جيفا أوغلو – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

استفتاءان مرتقبان من أجل دولتين مستقلتين...

الأول سيُجرى في إقليم كاتالونيا بإسبانيا

والثاني ستجريه حكومة الإقليم الكردي في العراق.

قضت المحكمة الدستورية الإسبانية بأن استفتاء الانفصال المعلن عنه في كاتالونيا "غير قانوني".

وأعلنت حكومة مدريد أنها لن تعترف بقرار الاستقلال المحتمل. ومع ذلك فإن أنصار الانفصال مصرون على الاستفتاء.

حكومة أربيل تسير على الطريق ذاته، وتعمل من أجل استفتاء "الدولة الكردية المستقلة".

الحكومة المركزية العراقية أعلنت أنها لن تعترف بقرار الاستقلال، ولو صدر عن الاستفتاء، وأنها قد تتدخل عسكريًّا.

هناك فارق كبير بين الاستفتائين. 

بالنسبة لاستفتاء الانفصال في إسبانيا، لم تتخذ دول الجوار، كفرنسا مثلُا، موقفًا سلبيًّا أو إيجابيًّا.

وفي المقابل، أصدرت البلدان المجاورة وفي طليعتها تركيا وإيران تحذيرات شديدة وحازمة تجاه استفتاء استقلال الدولة الكردية.

روسيا أيضًا بثقلها في المنطقة تنظر بعدم الرضا إلى الاستفتاء.

أما الولايات المتحدة فتقول إنها لا تعارض الاستفتاء وإنما توقيته، وتؤكد على ضرورة تأجيله. 

إسرائيل فقط من بين بلدان المنطقة تدعم الاستفتاء، بدعوى "حقوق الإنسان، وحق الشعوب في تقرير مستقبلها".

وفي الواقع لا يبدو من الممكن رفض هذا الموقف "المبدئي" للوهلة الأولى، لكن إسرائيل لا تتخذه بدافع مبدأ عالمي سامٍ من قبيل "الاعتراف بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره"، وإنما بمقتضى الاستراتيجية الأمنية التي وضعتها حيز التطبيق منذ 1950.

زعماء إسرائيل الأوائل ومن بينهم ديفيد بن غوريون وغولدا ميئير وضعوا استراتيجية تشدد على إقامة صداقات استراتيجية مع بلدان غير عربية لمحاصرة البلدان العربية والإطباق عليها من الخلف...

طبقت إسرائيل هذه الاستراتيجية منذ أواخر أربعينات القرن الماضي حتى اليوم. 

في سنواتها الأولى كان وصف الصديق الاستراتيجي ينطبق على تركيا وإيران من غير البلدان العربية. 

في البداية..

رحل الشاه، ولم تعد إيران الشيعية في عهد الملالي الذي بدأ مع الخميني، صديقة استراتيجية، بل حتى مجرد صديقة لإسرائيل.

على العكس، وضع نظام الملالي هدف "محو إسرائيل من الخريطة" كسياسة للدولة.

ولاحقًا..

لم تعد تركيا كما كانت عليه في الماضي

تركيا التي تجري صيانة مقاتلاتها ودباباتها في إسرائيل، والتي تحلق الطائرات الإسرائيلية بحرية في أجوائها، أصبحت جزءًا من الماضي.

إسرائيل اليوم تتبع سياسة للضغط على العرب من خلال الدولة الكردية غير العربية. وترمي أيضًا من خلال تأسيس الدولة المذكورة في شمال العراق إلى إنشاء منطقة عازلة بينها وبين إيران.

كما أن دولة كردية لحزب العمال الكردستاني على شكل حزام يمتد على طول الحدود التركية شمال سوريا تهدد سوريا العربية وأي دولة سنية محتملة.

في ظل هذا المشهد ما هي فرص استفتاء بارزاني؟

كيف ستعيش الدولة الجديدة إذا قطعت تركيا وإيران والعراق شرايينها وكممت أنفاسها؟

ما الذي ستفعله حتى لا يكون مصيرها مشابهًا لمصير "جمهورية مهاباد"، الدولة الكردية الوحيدة، التي تأسست عام 1950 ثم تلاشت في العام نفسه.

عن الكاتب

غونري جيوا أوغلو

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس