نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

عند النظر إلى الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة نلاحظ أن أجهزة الاستخبارات الأجنبية تعمل بشكل مكثف على تركيا. ولا بد أن العمليات "الخفية" على وجه الخصوص، تأخذ الكثير من وقت الأجهزة المذكورة.

هذا الانشغال يضم مجموعة واسعة من الأنشطة ما بين البروباغندا والضغوط الاقتصادية والمالية والاغتيالات وعمليات التخريب والانقلابات ودعم الإرهابيين والقوات شبه العسكرية. وإذا وضعنا كل ذلك جانبًا تبدو البروباغندا في ذروة نشاطها.

التحركات في سوق البروباغندا التركية أكبر مما كانت عليه أيام الحرب الباردة. فإنتاج الأخبار وتوزيعها، من أجل تشكيل رأي عام، أسهل من عهد الحرب الباردة، بفضل الإنترنت والإعلام الاجتماعي على الأخص.

أما أوجه التشابه مع الماضي فمن أهمها أن الصراع يستمر بين قطبين. الأول تتزعمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والثاني تحت سيطرة روسيا.

أما الفارق فهو أن الحلفاء المحليين وأهداف واستراتيجيات القطبين في حرب البروباغندا يمكن أن تتغير بسرعة، على عكس ما كان الوضع عليه أيام الحرب الباردة.

وفي حرب البروباغندا التي تستهدف تركيا لا تتشكل جبهة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الحكومات فحسب، بل تضم الإعلام والرأي العام والمؤسسات.

تستهدف هذه الجبهة الحكومة التركية مباشرة، وفي بعض الأحيان يمكنها أن تتصرف بفظاظة من خلال استهداف الرأي العام التركي أيضًا، كما فعلت الولايات المتحدة في أزمة التأشيرة. كما يمكنها أن تتعامى عن انعكاسات ردود أفعال الرأي العام على السياسة الداخلية والخارجية.

أما روسيا، الفاعل الآخر في حرب البروباغندا، فهي تثير الإعجاب بقدراتها على المناورة السريعة ومهاراتها في التكيف. فبينما استهدفت أردوغان والحكومة التركية مباشرة في أزمة المقاتلة، تتبع حاليًّا "استراتيجية غير مباشرة".

الشارع التركي هو المستهدف اليوم، والغاية هي قلب الصورة المأخوذة عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو. وهذا ينطبق على الاستراتيجية الروسية المتبعة خلال الأعوام العشرة الأخيرة في الاتحاد الأوروبي وشرق أوروبا.

وفي هذا السياق، نقرأ أو نشاهد يوميًّا أخبارًا في الإعلام التركي مصدرها روسيا، تمت صاغتها "أحيانًا استنادًا إلى الحقيقة، وأحيانًا أخرى بحسب الحاجة".

وبهذه الطريقة يأمل الروس بالتأثير على قرارات الحكومة التركية وتغيير قناعات الشارع التركي. وطاقم بوتين ليس فاشلًا ومشتتًا وفظًّا ومتعجرفًا كما هو الحال بالنسبة لمنافسيه. فقد اختار بشكل صحيح الشريحة المستهدفة، ويعمل على تنفيذ العملية كما يجب.

وبينما يواصل الروس العمل على إفساد صور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو وزعزعة الثقة بهم وإثارة الريبة تجاههم لدى الشارع التركي، يستمر الغرب في تناقضاته ومواقفه المزعزعة.

تتناقل وسائل الإعلام أن الروس طوروا في عهد بوتين قدرات الحرب الهجينة لديهم. وهذا ما رأينا انعكاساته في سوريا وأوكرانيا وشرق أوروبا، وحتى في الانتخابات الأمريكية.

وبينما يدعي الغرب أنه يولي أهمية كبيرة لمكافحة روسيا، يستمر في جعل تركيا عرضة للنيران العدوة والصديقة على الجبهة الأمامية في حرب البرو

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس