د. زبير خلف الله - خاص ترك برس

تركيا تدخل الحرب لوحدها في عفرين في ظل تآمر أمريكي يحاول أن يجعل من هذه العملية فخا للقوات المسلحة التركية، ويوقعها في مستنقع يستنزف تركيا وجيشها ويكلفها خسائر كبيرة.

كما أننا نجد روسيا تتعامل مع هذه العملية على أنها شأن تركي فقط، مما يجعل الحرب علي الإرهاب في المنطقة تتحمل تكاليفها تركيا التي تعد المتضرر الأول من تهديدات بي ك ك وب ي د المدعومتين عسكريا من الولايات المتحدة.

العملية التي تقوم بها تركيا الآن مستنقع وفخ كبير وموجع لتركيا لأن نتائجها غير واضحة لتعقد المسألة في عفرين وفي سوريا بشكل عام.

السؤال المطروح هل هناك مبرر للقيام بهذه العملية؟

القيادة التركية تدرك جيدا أن حدودها وأراضيها مستهدفة وتخشى أن يتحول عناصر حزب العمال الكردستاني وغيرها من الجماعات الإرهابية إلى قوة متنفذة في المنطقة تصعب محاربتها في المستقبل، خصوصا وأن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى خوض حرب بالوكالة ضد تركيا عن طريق هذه الجماعات الإرهابية.

الولايات المتخدة تستخدم الورقة الكردية ضد تركيا التي تقاربت مع روسيا وإيران وشكلت محورا استراتيجيا ضدها.

غير أن هذه العملية هي عملية ضروزية اضطرت تركيا للقيام بها رغم خطورتها من أجل قطع أي محاولة لتشكيل أي كيان سياسي من قبل العناصر الإرهابية المدعومة من قبل أمريكا وإسرائيل وبعض الدول العربية مصر والإمارات لوضع تركيا في زاوية صعبة واستنزافها علي المدى البعيد وما سينتج عنه هذا الاستنزاف من تأثير علي الوضع الاقتصادي التركي وعلى الجبهة الداخلية التركية.

تركيا رغم توافقها مع روسيا وحتي إيران إلا أنها تدرك أنهما يتعاملان معها بمنطق الابتزاز وبمنطق المساومات.

تركيا بدأت هذه العملية في عفرين بعد أن درست الموقف جيدا ودرست ميدان العملية في المنطقة بشكل دقيق، كما أن تركيا تحركت ديبلوماسيا مع كل الأطراف المؤثرة في المشهد السوري من أجل التحضير لهذه العملية.

من ناحية أخرى تركيا تخوض هذه العملية بجيشها المنظم ضد عناصر حزب العمال الكردستاني الذي ينتهج أسلوب حرب العصابات. وقد انتبهت تركيا إلى هذه النقطة لذلك ستخوض هذه الحرب بمساعدة الجيش السوري الحر القادر علي خوض حرب العصابات ضد حزب العمال الكردستاني مما سيجنب الجيش التركي المنظم خسائر كبيرة في صفوف عناصره.

النقطة الأخرى في هذه العملية أن حزب العمال وب ي د يخوضان حريا بالوكالة عن الولايات المتحدة ضد تركيا وفي ظل صمت روسي وإيراني، مما يجعل هذه العملية حرجة جدا لتركيا ومكلفة ستنزفها علي المستوى البعيد إذا لم تحسم المعركة في أقرب وقت.

يجب أن تستفيد تركيا من تجربة السعودية التي غرقت في اليمن بسبب طول الحرب وعدم الحسم معها في وقت قصير.

على مستوى الجبهة الداخلية نجد أن هذه العملية مدعومة من قبل البرلمان التركي ومن قبل شريحة واسعة من الشعب التركي ومن الإعلام التركي رغم معارضة حزب الشعب الجمهوري الذي لا يبدو له أي تأثير في الساحة، خصوصا وأن هذا الحزب تعيش في داخله تجاذبات كبيرة ونقاش تمهيدا للقيام بمؤتمره لاختيار مكتب تنفيذي جديد.

من ناحية اخرى نجد دعما لهذه العملية من قبل حزب الحركة القومية التي تساند قرار رئيس تركيا والجيش التركي في هذه العملية المصيرية.

على المستوى الإعلامي هناك اهتمام كبير بهذه العملية ومتابعة مكثفة على مدار الساعة والقيام بتحليلات لسير العملية من زوايا مختلفة.

العملية العسكرية التركية في عفرين بدأت الآن، ولا يمكن التكهن بنتائجها في الوقت القريب لتعقد الأوضاع علي الميدان ولتداخل أطراف عديدة تريد من هذه العملية فخا ومستنقعا لتركيا التي تدرك هذه المخاطر واستعدت لها قبل مدة طويلة.

عن الكاتب

د. زبير خلف الله

كاتب - المركز العربي التركي للتفكير الحضاري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس