ترك برس

أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعليمات لوزرائه ومسؤولي بلاده الاقتصاديين بعدم حضور المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وذلك بسبب موقف القائمين على تنظيمه مما يجري في قطاع غزة ودعمهم للهجمات الإسرائيلية على المدنيين.

وفي هذا الإطار، ذكرت وكالة بلومبيرغ أن الرئيس أردوغان أصدر تعليماته للمسؤولين الأتراك بالامتناع عن حضور "دافوس" الذي انطلق أعماله أمس الاثنين، ويستمر 5 أيام.

ونقلت بلومبيرغ عن مصادر مطلعة أن أردوغان اتخذ قراره هذا بسبب موقف المنظّمين من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ أكثر من 100 يوم، وتسببت باستشهاد أكثر من 23 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 60 ألفا آخرين.

وتشير الوكالة إلى أن الرئيس التركي قد أوعز لوزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، الذي كان يخطط للمشاركة في الاجتماع السنوي للقادة السياسيين ورجال الأعمال بالامتناع، وربطت بين موقف الرئيس أردوغان وتصريحات كلاوس شواب، مؤسس منتدى دافوس ورئيسه التنفيذي التي أدان فيها ما سمّاه "الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل" وهو ما أثار حفيظة السياسيين الأتراك.

وامتنع مكتبا أردوغان وشيمشك عن التعليق على الأمر، بينما لم يستجب المنتدى الاقتصادي العالمي بعد لطلبات بلومبيرغ للتعليق عليه، وفقاً لما نقلته "الجزيرة نت".

وكان أردوغان صريحا في انتقاده لتصرفات إسرائيل في غزة، ودافع عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كونها جماعة تناضل من أجل الحقوق الفلسطينية والتحرر الوطني.

ونقلت العديد من الصحف التركية (منها سوزجو والشعب) خبرا بما يفيد بمنع وزير المالية التركي من المشاركة في منتدى دافوس، ولم تضف أي تعليق لأي مسؤول حكومي.

وحاول مراسل الجزيرة نت التواصل مع قسم الاتصال في وزارة المالية التركية، لكن لم يتلق أي جواب.

موقف تاريخي

وفي 2009، انسحب الرئيس التركي من المنتدى إثر احتدام الجدال مع الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز حول العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة في العام السابق، متهما إسرائيل بقتل الأطفال وتنفيذ جرائم، وتعهد بعدم العودة.

ولم يعُد أردوغان أبدا من ذلك الوقت، على الرغم من أن المسؤولين الأتراك عادوا للحضور مرة أخرى بعد بضع سنوات.

ويتصاعد التوتر في العلاقات بين تركيا وإسرائيل في الآونة الأخيرة، وقد كان آخر حلقاته اعتقال لاعب كرة قدم إسرائيلي يلعب لفريق تركي؛ بسبب احتفاله بمئة يوم على العدوان على غزة، وهو ما عدّته السلطات التركية تحريضا على الكراهية قبل أن تفرج عنه في وقت لاحق، مع احتمال ترحيله، وهو ما أثار الغضب في إسرائيل.

وفي حادث منفصل في وقت سابق من هذا الشهر، اعتقلت تركيا عشرات الأفراد بتهمة التجسس لصالح الموساد الإسرائيلي، بعد تحذير أنقرة من أي مؤامرات لاستهداف أعضاء حماس على الأراضي التركية.

ومع استمرار التوترات، فإن القرار الأخير الذي اتخذه أردوغان بعدم المشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، يسلط الضوء على موقف تركيا بشأن العدوان الإسرائيلي، وعدم موافقتها على النهج الذي يتبعه المنتدى في التعامل مع ما يحدث في غزة.

الموقف التركي من تطورات غزة الأخيرة

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت حركة حماس وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية أسمتها "طوفان الأقصى" ضد أهداف إسرائيلية في غلاف قطاع غزة التي تعاني من حصار مطبق منذ سنوات.

إسرائيل وأمام مباغتة المقاومة الفلسطينية لها، ردت باستهداف المناطق السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية ودور العبادة داخل غزة، ما خلّف آلاف القتلى وعشرات آلاف الإصابات بين المدنيين، وسط دمار كبير لحق بالقطاع، فيما يجري حديث عن إخلاء شمالي غزة من سكانها وإجلائهم نحو الجنوب قرب الحدود مع مصر.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة في غزة استمرت 4 أيام قبل تمديدها لفترات إضافية، حيث نصت على تبال أسرى ورهائن بين حماس وإسرائيل وإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع.

ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر الأخير في غزة، أكدت تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها على ضرورة وقف إطلاق النار بأقرب وقت حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الضحايا المدنيين، فيما أكد رئيسها رجب طيب أردوغان على أن الحل لتحقيق السلام في فلسطين وفي المنطقة يمر عبر تأسيس دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة بحدود 1976 وعاصمتها القدس الشرقية.

وبعد جهود كثيفة للتهدئة وأمام تصعيد إسرائيل من هجماتها ضد المدنيين في غزة وعدم استجابتها لمطالب وقف إطلاق النار، صعّدت أنقرة من موقفها ضد تل أبيب متهمة إياها بـ "ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية" في غزة، قبل أن تعلن في 4 نوفمبر/ تشرين 2023 استدعاء سفيرها هناك إلى أنقرة "للتشاور، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين"

ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت تركيا أكبر حملة مقاطعة في تاريخها، فيما لا تزال منظمات ومؤسسات مجتمع مدني تواصل حملاتها في هذا الخصوص عبر وسائل شتى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!