ترك برس

تحت عنوان "سباق الرئاسة الأمريكية.. سائقو الشاحنات والسويفتيز والمسلمون"، تناول مقال للكاتب والمحلل السياسي التركي قدير أوستون، المنافسة المحتدمة بين الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب، في إطار سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وقال أوستون إنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، بدأ كل من ترامب وبايدن حملاتهما الانتخابية، وكأن المواجهةَ بينهما حتمية لا محالة. وعلى الرغم من أن نيكي هيلي لم تنسحبْ من السباق بشكل رسمي، إلا أن ترامبَ يحاول جاهدا استقطاب أصوات من خارج قاعدته الانتخابية لتعزيز فرصه في مواجهة بايدن.

ويرى الكاتب التركي في مقاله بصحيفة يني شفق أن ترامب يسعى مع أنصاره إلى جذب النقابات التي تدعم الديمقراطيين عادةً ، بينما يحاولون أيضًا تقويض تأثير المشاهير مثل تايلور سويفت الذين يتمتعون بشعبية كبيرة في أمريكا البيضاء.

وأضاف: "قد تُقلّل تصريحات ترامب القاسية ضد المسلمين من فرص فوزه، بينما قد تُساهم مواقف بايدن من القضية الفلسطينية في تقليص أصوات المسلمين إلى أدنى مستوياتها، مما قد يُعطي ترامب ميزة. في المقابل يحاول بايدن الحفاظَ على دعم النقابات، بينما يسعى أيضًا للحصولِ على دعمِ سويفت.

ويُواجه بايدن وضعا أكثر خطورة، خاصة في ميشيغان، بسبب عدم لقائه بالقادة المسلمينِ وعدم دعوته لوقف إطلاقِ النار. وبينما تُظهر استراتيجية ترامب الانتخابية وعيه بضرورة استقطاب أصوات من خارج جمهورهِ، يحاول بايدن حماية التحالف الواسع الذي أنشأه".

وتابع الكاتب: 

نقابة سائقي الشاحنات الدولية

التقى ترامب برئيس نقابة "Teamsters"، وهي أكبر نقابة عمالية في الولايات المتحدة تمثل سائقي الشاحنات والعاملين في قطاع النقل. وكان ترامب قد التقى سابقًا بمسؤولين نقابيين آخرين خلال إضراب عمال السيارات بحثًا عن الدعم. وعلى الرغم من فشل ترامب في الحصولِ على الدعم الذي توقعه في حملته ضد جو بايدن أول رئيس أميركي يشارك في إضراب عمالي، إلا أنهُ لم يتخلَّ عن سعيه لكسب الدعم. وقد أثار اجتماع ترامب مع رئيس نقابة "Teamster" استياء بعض قادة النقابة الآخرين، مما يشير إلى أن ترامب يحاول استغلال الانقسامات داخل النقابة لصالحه.

يدرك ترامب أن قادة النقابات يدعمون الديمقراطيين عادةً ، لكنه يحاول هذه المرة تحويل هذا الدعم لصالحه. وحتى لو لم يتمكن من تحقيق ذلك، فهو يعتزم على الأقل الحصول على دعم أعضاء النقابات من الطبقة المتوسطة والدنيا لمنع تحويل علاقات بايدن القوية مع الطبقة العاملة إلى أصوات انتخابية. وقد لعبت أصوات هذه الشريحة دورا رئيسيا في فوزِ ترامب عام 2016 في ولايات ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، ولذلك فإن استعادةَ هذه الأصوات التي انتقلت إلى بايدن عام 2020، أو على الأقل تقسيمها، تُمثل ضرورة ملحة لفوز ترامب بالرئاسة مرة أخرى. من ناحية أخرى، لطالما كان بايدن سياسيًا يتمتع بعلاقات قوية مع النقابات، ولا يمكنه تحمل فقدان الدعم من هذه الفئة في الانتخابات القادمة.

"السويفتيز"

تتصدر نجمة البوب الشهيرة تايلور سويفت، التي حققت إنجازًا تاريخيًا كمغنية وكاتبة أغاني ومنتجة موسيقية وهي في ذروة مسيرتها المهنية، عناوين الصحف السياسية هذه الأيام. ويُشار إلى معجبي سويفت باسم "السويفتيز" ويمثلون ملايين الشباب من جيل "زد". وتُدرك حملة بايدن تأثير سويفت الكبير على هذا الجمهور، لذا تبذل جهوداً حثيثة لكسب دعمها. في المقابل يشن أنصار ترامب حملة ضد تايلور سويفت هذه الأيام، محاولين إقناعها بالابتعاد عن السياسة. ويُثير امتلاك سويفت قاعدة جماهيرية واسعة في أمريكا قلقًا لدى أنصار ترامب، حيث لا تقتصر على المدن الليبرالية الكبرى، بل تمتد إلى المناطق الوسطى والجنوبية أيضاً.

أعربت تايلور سويفت عن ندمها على عدم اتخاذ موقف صريح ضد ترامب في عام 2016، واتخذت الآن مواقف صريحة حول قضايا حقوق المرأة والإجهاض. وتُشكل شعبية سويفت التي دعمت الديمقراطيين علناً في الانتخابات النصفية، مصدر قلق للجمهوريين، حيث تتجاوز شعبيتها شعبية المشاهير الليبراليين التقليديين، وتتمتع سويفت، التي بدأت مسيرتها المهنية بموسيقى "الكانتري"، بتأثير كبير جدًا على الشباب الأمريكي الأبيض.

ويمكن أن يؤثر استخدامها لتأثيرها لصالح بايدن أو ضد ترامب على مسار الانتخابات، خاصةً في ظل تذمر جيل "زد" الذي يصف بايدن بـ "جو الإبادة الجماعية"، لرفضه الدعوة لوقف إطلاق النار في فلسطين. قد لا يكون دعم سويفت كافيًا لتغيير رأي هؤلاء الشباب، لكنه قد يُساعد في جذب الشباب غير المهتمين بالسياسة إلى جانبها، مما يخلق نوعًا من التوازن.

المسلمون

يشعر المسلمون الأمريكيون بخيبة أمل كبيرة من دعم الرئيس جو بايدن غير المشروط لإسرائيل في القضية الفلسطينية ورفضه دعوة وقف إطلاق النار. فبينما كان المسلمون كمعظكم المهاجرين، يُشكلون قاعدة دعم قوية للديمقراطيين، فقد أعربوا الآن عن رفضهم التصويت لبايدن في انتخابات نوفمبر، بل والعمل ضده. ويواصل زعماء الجاليات العربية في ميشيغان، إحدى الولايات المتأرجحة، رفض مقابلة بايدن. من الصعب توقع ما إذا كان موقف المسلمين سيغير من مسار الولاية، لكن انخفاض دعمهم من 60 بالمئة إلى 12 بالمئة يدق ناقوس الخطر بالنسبة للديمقراطيين.

من خلال النظر إلى الجماهير التي تسعى حملتا ترامب وبايدن الانتخابية للحصول على دعمها، يتضح أننا سنشهد معركة انتخابية شرسة. يُدرك ترامب أنه لا يمكنه الاعتماد على ناخبيه فقط، ويحتاج إلى كسب أصوات المستقلين والنساء والنقابات والسود والشباب. من ناحية أخرى، يُعد الأداء الاقتصادي الضعيف لبايدن وضعف علاقاته مع جيل "زد" حول القضية الفلسطينية من أكبر عيوبه. ويواجه بايدن احتجاجات من أنصار فلسطين في كل اجتماع يعقده في الأسابيع الأخيرة، ويأمل أن تُنسى هذه القضية قبل الانتخابات، لكن هذا قد لا يكون ممكنًا. لذلك، قد تزيد فرص ترامب في الفوز إذا اتخذ موقفًا هجوميًا ضد موقف بايدن دفاعي. وتجدر الإشارة إلى أن مصير الانتخابات سيُحدد في عدد قليل من الولايات المتأرجحة، مما يجعل كسب دعم فئات الناخبين الرئيسيين في هذه الولايات أمرًا بالغ الأهمية لكل من المرشحين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!