ترك برس

استعرض تقرير لموقع قناة الحرة آراء عدد من الخبراء والمراقبين بشأن نجاح الطائرة المسيّرة التركية "أكنجي" في عملية البحث عن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وفشل نظيراتها الإيرانية في المهمة.

وأوضح الخبراء أن المهمة التي أتمتها "أكنجي" التركية بنجاح خلال البحث عن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أظهرت قدرة وإمكانيات هذه الطائرة من دون طيار، لكنها كشفت في المقابل عن ثغرات و"حرج" ضمن أكبر برنامج تسلح إيراني.

وكان إرسال تركيا لطائرتها المتطورة جاء بناء على طلب إيراني، كما أعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان لها، ليلة الأحد. وطلبت طهران من أنقرة أيضا مروحية مزودة بخاصية الرؤية الليلية.

وبعدما حلّقت "أكنجي" في الأجواء لأكثر من 4 ساعات، وتتبع المستخدمون المسار الذي اتبعته عبر تقنية البث المباشر ذكرت وسائل إعلام رسمية تركية، في وقت متأخر فجر الاثنين، أنها رصدت "مصدر حرارة" يعتقد أنه حطام المروحية، وشاركت الإحداثيات مع سلطات طهران.

وسرعان ما بدأت الأخبار تتوارد بالتدريج بعد ذلك، حتى قال المسؤولون في طهران إنهم عثروا على موقع حطام الطائرة، ومن ثم أعلنوا مصرع رئيسي ووزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، والوفد المرافق لهما.

وفقد الاتصال مع رئيسي، ظهر الأحد، ولم تصل عمليات البحث عنه، التي زادت عن 12 ساعة، إلى أي نتيجة حتى فجر يوم الاثنين.

وبينما كان الليل يحل على المنطقة الوعرة التي توجهت إليها فرق الإنقاذ بشكل راجل وبالسيارات، بدأ المسؤولون في طهران بطلب الدعم من الاتحاد الأوروبي، وقدموا طلبا لاحقا إلى الجارة تركيا.

"أكبر أساطيل الطائرات"

و"أكنجي" هي الطائرة المسيّرة الوحيدة التي شاركت في عمليات البحث الليلية عن رئيسي والوفد المرافق له. وفق الحرة.

ورغم أن طهران تحدثت عن اتباعها ذات المسار بطائرات إيرانية مختلفة، لم تتناسب روايتها مع حجم الصورة التي روجتها على مدى السنوات الماضية لبرنامجها هذا من التسلح.

وتمتلك إيران أحد أكبر أساطيل الطائرات من دون طيار في المنطقة، وقد قدمت أكثر من 400 طائرة من دون طيار من طراز "شاهد" و"مهاجر" إلى روسيا، التي تم استخدامها خلال غزوها لأوكرانيا، وفقا لشبكة "سي أن أن" الأميركية.

وقبل شهر، أعلنت طهران شن هجوم على إسرائيل بأنواع مختلفة من الطائرات المسيّرة، ردا على قصف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق. ومن بين تلك المسيرات "شاهد 136"، و"شاهد 129" و"شاهد 149".

كما يمتلك "الحرس الثوري" في إيران، ويصنع، طائرات مثل "شاهد 10" و"كامان 22"، و"أبابيل"، لكنها في غالبيتها طابع الهجوم الانتحاري.

أين مسيرات إيران؟

يرى محلل الدفاع في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا، فابيان هينز، أن ما شهدته عمليات البحث والإنقاذ عن رئيسي، مع عدم تسجيل أي دور فاعل لمسيرات إيران "أمرٌ محرج بعض الشيء".

ويستند على فكرة "الحرج" بقوله لموقع "الحرة": "عندما تستثمر بكثافة في برنامج الطائرات من دون طيار الخاص بك وتستخدمه كمصدر فخر لبلدك، ثم يتعين عليك بعد ذلك استخدام مساعدة الأتراك (بطائرة أكنجي) للمساعدة في العثور على الحطام!".

الخبير الأمني المتابع بدقة لآخر صرعات الطائرات من دون طيار، يعتقد أن إحدى المشكلات الرئيسية للزج بالمسيرات في جهود البحث والإنقاذأن الجهة التي تريد ذلك "يجب أن تحتاج إلى أجهزة استشعار عالية الجودة".

ويوضح أن "الطائرة من دون طيار شيء، وأجهزة الاستشعار المستخدمة فيها شيء مختلف"، خاصة عندما يتعلق الأمر، على سبيل المثال، بكاميرات التصوير الحراري، وكاميرات التصوير بالأشعة تحت الحمراء.

ولا تتمتع الطائرات المسيّرة الإيرانية بجودة على صعيد أجهزة الاستشعار، قياسا بغيرها من الطائرات من دون طيار الأخرى، وفق الباحث.

وفي حين يضع هينز هذه القضية كأحد الأسباب التي تقف وراء غياب دور "المسيرات الإيرانية" يشير إلى عوامل أخرى أيضا.

"تركيز عسكري"

وترتبط العوامل التي تحدث عنها الباحث بالطقس.

وفي حال كان سيئا فستحتاج الطائرات من دون طيار لجسم قوي جدا يمكّنها من الطيران في جميع الظروف الجوية، حسب هينز الذي يرى ذلك "تحديا كبيرا".

ويوضح أن "الكثير من جهود تطوير الطائرات من دون طيار الإيرانية كانت قد ركزت على طائرات من دون طيار أصغر حجما".

كما أن الإيرانيين استثمروا بشكل أقل في تصميمات الطائرات الأكبر حجما، وفق الباحث البريطاني.

ويعتقد جوليان روبكي، وهو محلل عسكري وأمني ألماني مختص بدراسة تقنيات الطائرات من دون طيار في العالم، أن غياب المسيّرات الإيرانية أثناء عملية البحث والإنقاذ عن رئيسي يكشف "عن التركيز العسكري الهجومي في الغالب لبرنامج الطائرات من دون طيار الإيراني".

ويكشف أيضا، حسب قوله لموقع "الحرة"، عن "نقص تعاني منه تلك الطائرات عندما يتعلق الأمر بالعمل في ظروف جوية سيئة".

وبينما كانت إيران قادرة على مهاجمة أهداف عسكرية ومدنية خلال الظروف الجوية الجيدة بأسطولها الخاص من "المسيّرات"، كان عليها أن تطلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي وتركيا للعثور على موقع تحطم طائرة رئيسها.

ويتابع روبكي أن هذا المشهد "معبّر تماما" عن حالة برنامج التسلح الإيراني، الخاص بالطائرات من دون طيار.

"تكنولوجيا محدودة للغاية"

وتستخدم إيران أدوات تحكم راديوية في تشغيل الطائرات من دون طيار، لا الأقمار الاصطناعية مثل الطائرات المتطورة، كما ورد في تقرير نشرته مجلة "ذا أيكونوميست"، في نوفمبر 2021.

ومع ذلك، توزع منذ سنوات الطائرات المسيرة عن بعد على حلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، التي تستهدف أهدافها في البحر الأبيض المتوسط أو منطقة الخليج.

ويعتبر الباحث السياسي التركي، الزميل غير المقيم في "المجلس الأطلسي"، عمر أوزكيزيلجيك، أن التكنولوجيا الجوية الإيرانية "محدودة للغاية".

ويقول إن حادث تحطم مروحية رئيسي "يرجع في الأساس إلى القيود التقنية في إيران". 

ولو كانت المروحية محدثة، أو لو كانوا استخدموا مروحية محدثة "لكان من المحتمل ألا يحدث هذا الحادث"، حسبما يرجح أوزكيزيلجيك، مؤكدا أن ما حصل مرده "نقص القدرات التقنية في إيران".

وعندما يتعلق الأمر بالطائرات من دون طيار، دائما ما ينظر إلى إيران على أنها متقدمة جدا في تصنيع الطائرات من دون طيار "لأغراض التدمير"، حسب تعبير الباحث التركي.

ويرى أن طائرات "شاهد" وغيرها من المسيّرات قادرة جدا على تنفيذ هجمات انتحارية.

لكنها في المقابل غير قادرة على تنفيذ أغراض إنسانية أخرى، على عكس "أكنجي"، حيث يوضح أوزكيزيلجيك أنها "لم تصمم فقط لإلحاق الضرر بالعدو وتدمير نفسها خلال تلك العملية".

ونشرت وسائل إعلام تركية تسجيلات مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت مسار العودة الذي سلكته "أكنجي" بعد إتمام مهتمها بنجاح، كما قالت وزارة الدفاع التركية.

وعندما تخطت الأراضي الإيرانية وصلت إلى أجواء فان الحدودية رسمت الهلال التركي والنجمة، وهو الرمز الذي يتضمنه العلم التركي.

وشارك مهندسها سلجوق بيرقدار، وهو صهر رجب طيب إردوغان، بينما كانت الأضواء مسلطة على الطائرة ويتصاعد الحديث عنها، بكلمات للرئيس التركي وهو يتحدث عن ميزاتها، وعنونه بـ"سر أكنجي".

وتفاعل صحفيون وباحثون أتراك مع المهمة التي نفذتها الطائرة التركية في الأجواء الإيرانية، وتصّدر الهاشتاغ الخاص به وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد، منذ صباح الاثنين.

ويشير الباحث أوزكيزيلجيك إلى أن "أكنجي" لها قدرة على الطيران على ارتفاعات أعلى من الطائرات الإيرانية، وتمتلك قدرات رؤية ليلية.

ويقول في المقابل، إن الطائرات الإيرانية لا تستطيع مراقبة منطقة، خاصة في الليل.

ودفع غياب تلك التقنية عن الإيرانيين إلى طلبهم المساعدة من تركيا، فيما يؤكد الباحث التركي أن "أكنجي" هي من نقلت الإحداثيات الدقيقة عن موقع رئيسي والوفد المرافق له.

"دور فاعل وغائب"

ورغم الصورة العسكرية والأمنية العامة التي تحيط بالأنواع المختلفة من الطائرات من دون طيار في العالم، يشير الباحث فابيان هينز إلى الدور الكبير الذي تلعبه في جهود البحث والإنقاذ.

ويتم الآن تطوير بعض الطائرات من دون طيار للقيام بمهام البحث في البحر، إذ يمكنها بالفعل إسقاط قوارب النجاة.

وقد استخدمتها دول أخرى أيضا في تلك المهمة، ولعدد كبير من الأغراض غير العسكرية، مثل مراقبة الأحداث البيئية مثل حرائق الغابات، وما إلى ذلك، حسب الباحث البريطاني.

ويقول: "نحن ننظر دائما إلى الجانب العسكري للأشياء، ولكن هناك الكثير من التطبيقات المدنية غير العسكرية أيضا".

ويضيف أن مشاركة الطائرات من دون طيار في جهود البحث والإنقاذ مفيد جدا، من زاوية أن "لديها قدرة تحمل طويلة جدا".

ويمكن للطائرات البقاء في الأجواء لفترات طويلة، وإذا كان لديها اتصالات عبر الأقمار الصناعية، فيمكنها الطيران لمسافة بعيدة جدا أيضا.

كما يمكنها البقاء فوق منطقة ما لفترة طويلة.

وفي حال وجود أجهزة استشعار جيدة جدا "يمكنها البقاء بشكل مستقر فوق نقطة معينة ولفترة طويلة"، حسب حديث محلل الدفاع في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا لموقع "الحرة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!