بولنت إراندايتش - صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

سأحدثكم اليوم عن خطة أمريكية انجليزية كبرى في منطقة الشرق الأوسط تهدف الى انتاج شرق أوسط جديد، فبعد ان حضرت أمريكا وشركائها الخطط وأعدوا العدة، وبعد ان قاموا بإعادة رسم خارطة سياسية جديدة للشرق الأوسط، عمدوا الى اذنابهم في المنطقة للشروع في تنفيذها، وتحتوي الخطة على ثلاث عناصر أساسية، هي تركيا وإيران ومصر، وكانت كلمة البداية لخطتهم هي انقلاب السيسي على حكم الاخوان المسلمين في مصر.

لقد كانت بداية خطتهم في تركيا تفضي بقطع الطريق على اردوغان في إرساء النظام الرئاسي الذي يتيح له صلاحيات واسعة تعيده الى المشهد السياسي من جديد، لقد نجحوا في خطوتهم هذه عبر إنجاح حزب الشعوب الديمقراطية؛ الذي منع بدوره حصول حزب العدالة والتنمية على الحد الأدنى من الاصوات لتشكيل حكومة بمفردها. وفي سياق هذا الكلم اعرض لكم أسطر من كتاب احمد داود اغلو "الاستراتيجية العميق" حيث قال" ان الصراع الحضاري في الشرق الأوسط يخضع لاستراتيجيات المنافسة على بترول المنطقة".

كان الصرع القديم في المنطقة يتمحور حول ثلاثي المنطقة تركيا-إيران-مصر والعلاقة التي تربط بين بعضهم البعض، ففي فترة الحكم العثماني كان العامل الذي ربط بين هذه الدول هو العدل، اما اليوم فان عنوان الصراع والرابط بين هذه الدول هو إسرائيل، فأي سياسيات لأي من هذه الدول تتعرض لإسرائيل من قريب او بعيد يجعل من هذه الدول هدف لعمليات الاسقاط والتخريب، فالعنوان " إسرائيل" يعني افعلوا ما شئتم لكن لا تقربوا من "إسرائيل".

بعد استلام حزب العدالة التنمية لزمام الأمور في2002، بدا اردوغان سياساته الخارجية بالعودة الى الحضن القديم للعالم الإسلامي، فكانت العلاقات الحقيقية مع الاشقاء من كل الاتجاهات كما كانت الأمور في زمن العثمانيين، في هذه الاثناء قرأ الخبراء الانجليز واليهود المشهد مبكرا فبدأوا يحذرون من محاولات عودة المارد العثماني الى المشهد، فأوعزوا بأوامرهم الى المخابرات والمؤسسات الأمنية ثم الى وسائل الاعلام المختلفة لتقوم كل جهة بما هو مطلوب منها.

كانت الخطة تطبخ على نار هادئة حتى حصل الربيع العربي الذي جعل من مرسي ابن الاخوان المسلمين رئيسا لجمهورية مصر العربية، ما جعل الخطة مستنفرة وتتسارع، وبعد ان تلاقت الاختان مصر وتركيا، وبدا التقارب المصري التركي، كان على اطراف الخطة قطع الطريق بين الاختين، فقاموا بحرق الطريق سوريا-لبنان-فلسطين-غزة الموصل بينهما، من ثم قاموا بحرق ورقة الاخوان لينقلبوا على مرسي، ثم التفتوا الى المارد التركي وبدأت محاولات التحجيم تأخذ بعدا اخر في عام 2013 عندما بدأت الازمة مع التنظيم الموازي وتبعتها أزمات متلاحقة تضرب البلاد بلا هوادة مثل حديقة غازي، لكن هذه الضربات لم تكن كافية لإسقاط المارد التركي فكان لزاما تحريك المنافس الحقيقي والوحيد لهذا المارد، فكانت مفاوضات النووي الإيراني ثم الاتفاق، لقد حركوا صراع تركي فاسي قديم متجدد عندما وقعوا هذه الاتفاقية.

لقد كانت خطتهم الكبيرة تفضي بحرق أوراق الثلاثي القوي بإسقاطهم او تأليبهم على بعضهم البعض، ففتحوا جراحا قديمة مثل الصراع الطائفي الشيع السني وغيرها الكثير من التوازنات التي لعبوا وما زالوا يلعبون عليها. كل هذا وأكثر من اجل عيون إسرائيل، فكل ما هو مهم هو سلامة "إسرائيل" واستقرارها. وتأتي الحملات العسكرية على داعش، او استخدام بيادق مثل مليشيات وحدات حماية الشعب الكردي او حزب العمال الكردستاني، هي عبارة عن خطوات صغيرة على هامش التوازنات في اشعال نار الصراع وإدامة شعلته.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس