وداد بيلغن – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

لا شك أنّ من أبرز قضايا تركيا اليوم، هو معرفة كيف ستتشكل المنطقة التي نعيش فيها، أو كيف يريدون تشكيلها، وبكل تأكيد لن يكون مستقبل تركيا صاحبة الثقل في المنطقة، ولا حتى مستقبل الشرق الأوسط، لن يكونا مستقلين عن تأثيرات النظام العالمي.

هناك عوامل عديدة ستساهم في تحديد مستقبل المنطقة، أهمها الحرب الأهلية في سوريا، وعدم الاستقرار الحاصل في العراق منذ احتلاله، وحل مشكلة الأنشطة النووية الإيرانية بعد عقوبات من الغرب استمرت لأعوام، واستخدام الارهاب من أجل خلق حرب أهلية في تركيا، ومرورا بمشاكل أمريكا والاتحاد الأوروبي المتعلقة بمصادر الطاقة، وتحول سياسات روسيا في المنطقة، كلها عوامل ستساهم في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط.

وبما أنّ الفوضى الحاصلة في الشرق الأوسط لن تستمر، وذلك لأنّ الشرق الأوسط صاحب ثقل اقتصادي كبير في النظام العالمي، وبما أنّ أعمال المنظمات الارهابية لن تبقى محصورة في حدود المنطقة، فعلينا البحث عن الاحتمالات التي ننتظرها في المستقبل.

حسابات قديمة وسياسة قديمة

الاحتمال الأول، وهو من أضعف الاحتمالات، وهو سيناريو تتربع إيران في مركزه، "إذا حافظت إيران وروسيا على بقاء نظام الأسد قائما في سوريا، فإننا لن نكون بحاجة للتنجيم من أجل معرفة أنّ إيران ستكون الرابح الأكبر من ذلك"، فإذا لم تنجح المعارضة السورية، وأصبحت السيطرة لنظام الأسد، ستكون الطرق كلها فتحت أمام إيران، وبرغم أنّ نظام الأسد مرفوض دينيا بالنسبة لإيران، إلا أنّها، وهي التي قادت الثورة الإسلامية، مرتبطة به ارتباطا وثيقا.

وما سيحدث في سوريا إذا لم يسقط نظام الأسد، هو أمرٌ مماثل لما حصل من زيادة لنفوذ إيران في العراق بعد إنهاء الاحتلال الأمريكي له، حيث سيسهل هذا الأمر كثيرا على إيران من أجل السيطرة والتحكم بشمال العراق لاحقا، وإذا نظرنا إلى الموضوع من ناحية تركيا، نستطيع القول أنّه من الصعب جدا وصول إيران إلى هذا الوضع، لكن امتداد الأعمال الارهابية وإحاطتها بتركيا ووصولها حتى شمال العراق قد يكون تهديدا كبيرا.

واحتمال حدوث هذا السيناريو في ظل النظام العالمي القائم حاليا هو احتمال ضعيف، "وبرغم تعاون إيران مع النظام العالمي في عدة مواضيع على المدى القصير، إلا أنّ ذلك سيتناقض مع مصالح الغرب وعلى رأسهم إسرائيل على المدى البعيد"، ومن يدعم حدوث هذا الاحتمال في داخل تركيا، هو موقف حزب الشعب الجمهوري من السياسة الخارجية.

تركيا مركز السلام في الشرق الأوسط

الاحتمال الثاني، يتعلق بتقسيم سوريا والعراق، وفي إطار هذا الاحتمال سيدخل أيضا هدف تقسيم تركيا، أو بمعنى آخر الهدف من ذلك هو تقسيم تركيا، من خلال استخدام المنظمات الارهابية، إلى جانب بعض التدخلات الصريحة من أدوات النظام العالمي.

وسبب ضعف هذا الاحتمال أيضا، هو أنّ تعميق الفوضى بهذا الحجم في المنطقة، يعني أنه لن يتبقى قوة لإيران لمداراة ذلك، وبذلك ستنتشر الفوضى في كل الشرق الأوسط، وحينها سيزداد التحالف بين العرب والدولة التركية في وجه خطر التقسيم، وهذا يعني تصفية ما تبقى من الشرق الأوسط، ولاحقا ضعف إسرائيل بسبب هذه الفوضى وتدمير مركز اقتصادي عالمي بحجم الشرق الأوسط، كل هذه الأمور تجعل هذا الاحتمال ضعيفا.

أما الاحتمال الثالث، فهو يتمثل بتخلي الغرب عن سياسته القديمة المتمثلة "بفرق تسد" و"ادعم الفوضى والنزاعات لتتحكم في البلدان"، ووقوفه إلى جانب إمكانية تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وحينها سيكون دور تركيا محوريا، وباختصار، فإنّ تركيا هي الممثل الوحيد للسلام والاستقرار والتطور في المنطقة، والعالم بحاجة لها للتخلص من الفوضى الحالية.

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس