ولاء خضير - خاص ترك برس

بين حزب يحاول الضغط على الجرح السوري ليوقف نزيفه المستمر، وبين حزب آخر يصدح بأن جراح الشعب السوري سببت لدولته وشعبه الكثير من الويلات، وينادي بأن ما في تركيا يكفيها!. جاءت نتائج انتخابات البرلمان التركية الحاسمة لحزب العدالة والتنمية مفأجاة، فتنفس اللاجئون السوريون الصعداء، لإدراكهم أن هذا الحزب لن يتخلى عنهم.

إن حكومة حزب العدالة والتنمية التي تحمل معها القوانين الدولية، ومبادئ الإنسانية، والأخوة الدينية، والرابطة الإسلامية، فرضت على تركيا حكومة، وشعبا، استضافة السوريين، وتقديم جميع الخدمات الضرورية لهم، وآثرت أن تسميهم "ضيوف تركيا".

غير أن بعض أحزاب المعارضة، خرجت وعبرت عن استيائها من عدد السوريين الضخم، الذي أثر سلبًا - حسب وجهة نظرهم - ، على الوضع السياسي، والاقتصاد التركي، وعلى ارتفاع الأسعار، والتوازن الديمغرافي في البلاد، هذه الأحزاب استغلت قضية السوريين في حملاتها الدعائية وبرامجها الانتخابية، آملة بأن تستقطب المزيد من الأصوات، بيد ان الشعب التركي أثبت بان المعادة ليست من سينما!.

لذا كانت التجربة القاسية في انتخابات الأشهر الماضية، كافية للتأكيد على أن الأحزاب الصغيرة التي تعلي صوت الطائفية، أو تعلي صوت القومية، لا تستطيع قيادة تركيا الجديدة، ولا تستطيع أن تكون شريكا إيجابيًا في الحكومات القادمة.

فالشعب التركي لا يسعى لأن يكون طرفًا في الصراع في سوريا، ولا أن تكون انتخاباته السياسية البرلمانية وغيرها انعكاسًا لمشكلات سوريا، وإنما انعكاسا لمطالب الشعب التركي في الداخل، وفي تقوية تركيا وبناء نهضتها على الأسس التي سارت عليها الحكومات التركية سابقا.

رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، “كمال كليجدار أوغلو”، كان قد جدد وعده بإعادة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا إلى سوريا، وعدم التدخل في شؤون الشرق الأوسط، في حال فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية!

أما أحد نواب حزب الشعب الجمهوري في مدينة سامسون التركية، "كمال زئبق"، كان قد شنّ حملة تحريضية ضد اللاجئين السوريين، متهما إياهم بتزوير هوياتهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة لصالح "حزب العدالة والتنمية".

ودعا حزب الشعب الجمهوري في حملاته الانتخابية إلى إفراغ تركيا من اللاجئين السوريين، بذريعة تحسين الأوضاع الاقتصادية، مشيرًا إلى أن بلاده أنفقت أكثر من 5 مليار دولار خلال السنوات الماضية على هؤلاء اللاجئين، وأن الوقت قد حان ليعودوا إلى وطنهم الملتهب!.

وتشير البيانات المتعلقة بالقادمين الجدد إلى تركيا، والبيانات المحدثة الواردة من السلطات التركية، حول اللاجئين الموجودين أصلًا في البلاد، إلى أن إجمالي عدد اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة تخطى الـ4,013,000 شخص. تستضيف منهم تركيا، وهي البلد الذي يؤوي أكبر عدد من اللاجئين في العالم، حوالي 45%، من إجمالي عدد اللاجئين في المنطقة ، أي ما يزد عن المليوني لاجئ.

وحصلت تركيا على إشادة دولية بسياسة الباب المفتوح، التي اتبعتها مع السوريين مما جعلها أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم.

وتعتبر تركيا البلد الأفضل من بين دول الجوار في مسألة تعامله مع اللاجئين السوريين، أو المقيمين، الذين افتتحوا مشاريع في معظم الولايات التركية، لاسيما تلك التي يتركز فيها وجود السوريين، إلا أن التطورات السياسية الأخيرة، أثّرت بشكل كبير على اتخاذ قرار الهجرة، لكثيرين ممن كان الخيار "مستبعدًا إلى حد كبير" حتى وقت قريب.

ونشر الموقع الإخباري السوري "أورينت نيوز" تصويتا حول "هل تتوقع حدوث تغيير في وضع السوريين بعد انتهاء الانتخابات التركية"، وكانت النتائج لإجمالي عدد المصوتين، ممن أجاب بلا وصلت النسبة إلى 38.51%، وكانت النتائج لمن أجاب بنعم 61.49%.

وبهذا الشأن صرح الأكاديمي والباحث السياسي "بكير اتاتجان"، خلال لقاء له على قناة أورينت نيوز قائلًا: "نبارك فوز حزب العدالة والتنمية، هذا الفوز نباركه أيضا للإخوة اللاجئين السوريين، وجميع السوريين في تركيا وخارجها، من المعروف أن حزب العدالة والتنمية هو داعم اساسي لقضية اللاجئين، وهذه تعتبر انتصار كبير لهم، خاصة بعد أن كانت الأحزاب المعارضة تعارض وتصرح دائما بأنها ضد تواجد اللاجئين السوريين في تركيا، لذا اقول أن هذه هي انتصار للشعب السوري".

وأكمل بكير حديثه قائلا: "نتمنى بعد تشكيل الحكومة برئاسة حزب العدالة والتنمية، أن تعطي الاهتمام لقضية اللاجئين السوريين، وأن تفعل الشيء الكثير للسوريين في محاولة الحفاظ على الأمن والاستقرار، والمساهمة في وقف الإرهاب والقتل في سوريا، وتأمين الحرية والكرامة للشعب السوري، التي ننادي لأجلها منذ سنين، وأنا أعيد وأكرر أن هذه تعتبر انتصارا ساحقا أيضا للشعب السوري".

مما لا شك فيه أن تركيا لم تغلق يوما بابها بوجه من يلجأ إليها، وإنها كما استضافت الألبان، والبوسنيين، والمظاليم من كل العالم، لن تضيق ذرعًا بالسوريين، وهم أصحاب الجيرة، وإخوة الدين، وأبناء الأمة الواحدة، وهو ما أكده زعيم حزب العدالة والتنمية داود أوغلو، بتصريحه "سنفتح أبوابنا لهؤلاء اللاجئين السوريين، مهما كانت ديانتهم ومذاهبهم، فمن لا يرحم الناس لا يرحمه الله".

عن الكاتب

ولاء خضير

كاتبة وصحفية فلسطينية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس