كمال أوزتورك - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

أثبت الشعب التركي اليوم، كما أثبت في السابق، أنه يريد حماية وحدة الشعب والوطن والأرض، ويريد تحقيق الاستقرار، ولذلك أعطى الشعب القرار الأفضل والأصح كما كان يفعل دائما.

ثبات الأكراد البطولي

كنت أتابع أولا بأول النتائج التي يحصل عليها حزبا الشعوب الديمقراطي والحركة القومية، كونهما هما من يحددان طبيعة النتائج النهائية، كما كان الأمر في انتخابات 7 حزيران/ يونيو، وقد تواصلت قبل الانتخابات مع كل شركات استطلاع الرأي وكلها قالت إنه لا يوجد تراجع في شعبية حزب الشعوب الديمقراطي.

لكني مع ذلك، كنت مقتنعا بأنّ الأكراد لن يبقوا متفرجين على الأحداث التي حصلت خلال الأشهر الماضية، وقد انعكست ردة فعل الأكراد على أعمال حزب العمال الكردستاني بصورة واضحة من خلال صناديق الاقتراع، حيث تلقى حزب الشعوب الديمقراطي المستند إلى حزب العمال الكردستاني ضربة قوية، وظهر هذا جليا في ديار بكر وفان وآغري وشرناق وغيرها من المحافظات، وردة فعل الأكراد هذه لها دلالات هامة.

أثبت الأكراد أنهم أكثر فئة في الشعب تريد الوحدة الوطنية، وترفض أعمال حزب العمال الكردستاني، ولذلك شاركوا في الانتخابات بكل قوة وبنسبة مشاركة عالية جدا برغم كل التهديدات، وأهدوا أصواتهم للعدالة والتنمية ليوصلوا رسالتهم إلى العالم أجمع.

هذه ليست حادثة عابرة، وإنما هي بطولة حقيقية، عندما يقول الناخب "لا" لمن يهدده ويهدد أولاده وأبناءه وعائلته، ويقول "نعم" للاستقرار وللوحدة وللسلام.

حزب العدالة والتنمية: خط الدفاع الأول لمواجهة خطر التقسيم

نداء حزب العمال الكردستاني لتحريك الشارع الكردي كان جزء من مخطط تقسيم للبلاد، ولو تمكن الحزب من الحصول على مناطق حُكم ذاتي لعاش الأكراد في كوابيس طيلة حياتهم، ولهذا رفضوا هذا الأمر، برغم أنهم تحت التهديد والخطر.

حصول العدالة والتنمية على أصوات الناخبين في شرق وجنوب شرق البلاد، يشير إلى أنّ الحزب أصبح خط الدفاع الأول لمواجهة خطر التقسيم، وكونوا واثقين أنّ الأكراد المسلمين المحافظين والمتدينين هم من سيقضون على ارهاب حزب العمال الكردستاني.

دفاع القوميين عن الوطن

الحزب الآخر الذي تابعت نتائجه هو حزب الحركة القومية، وهو كالأكراد، من العناصر الرئيسية لوحدة وطننا، لأنه يمثل المحافظين القوميين، ولذلك كان لزيادة التصويت من القوميين لصالح حزب العدالة والتنمية دلالات هامة.

تخيلوا لو أنّ القوميين الأكراد تمسكوا بحزب الحركة القومية، والقوميين الأكراد تشبثوا خلف حزب الشعوب الديمقراطي، والعلويين بقوا مع حزب الشعب الجمهوري، والمتدينين مع حزب العدالة والتنمية، حينها كنا سنعاني من خطر الانقسام والنزاع، ولهذا فإنّ تجمهر ما يقارب من 50% من أصوات الشعب التركي بمختلف أطيافه خلف حزب العدالة والتنمية، كان بمثابة رسالة طمأنينة لنا جميعا من أجل وحدتنا وقوتنا، وبإذن الله لن يستطيع أحد كسر خط الدفاع هذا الذي يتشبث به الشعب.

عودة الإسلاميين

وآخر حديثنا هنا، عن بعض الإسلاميين والمحافظين الذي ابتعدوا قليلا عن حزب العدالة والتنمية في انتخابات 7 حزيران، لكنهم ما لبثوا طويلا إلى أن عادوا مجددا لحزب العدالة والتنمية، ولهذا لاحظنا زيادة الأصوات لصالح العدالة والتنمية من حزب السعادة وحزب الاتحاد الكبير، لكن هذا ليس السبب الوحيد على عودة الإسلاميين للعدالة والتنمية.

توجه الإسلاميون إلى صناديق الاقتراع، وهم يرون ما يجري للأمة الإسلامية من حولهم، ولهذا قرروا الدفاع بأصواتهم عن آخر قلعة ما زالت صادمة ثابتة، ذهبوا وهم يدعون لإخوانهم في فلسطين وسوريا، وفي مصر والعراق واليمن، وكانوا يعلمون أنّ أصواتهم ستساهم في حماية قلعة العالم الإسلامي الأخيرة، التي تدافع عن المظلومين فيه.

اتحد الإسلاميون والأكراد والأتراك والقوميون على دعم حزب العدالة والتنمية، وعلى دعم خط الدفاع الأول عن قلعة تركيا الثابتة الراسخة، فحينما أصبح الحديث عن الوطن، وعن الأمة، وعن العلم، هرع واحد من كل اثنين للتصويت لحزب العدالة والتنمية، لوحدة الوطن والأرض والعلم، ولنصرة المسلمين في كل مكان.

وبذلك يكون الشعب التركي قد سلّم مهمة حماية وحدة الوطن لحزب العدالة والتنمية، وعلى الحزب أن يحوّل هذا الأمر فورا إلى تطبيق على أرض الواقع، وعليه أن يستخدم كل ثقله السياسي لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار داخل ربوع تركيا، وحان الوقت للتوحد في مواجهة الارهاب، والاستقطاب، والقوى الخارجية العابثة.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس