رداد السلامي - خاص ترك برس

لم تخسر المملكة العربية السعودية شيئا بفوز حزب العدالة والتنمية التركي ذو التوجه الاسلامي بل كسبت حليفا استراتيجيا قويا من الناحية العقدية والاقتصادية، وربما أكثر دقة العسكرية، فتركيا لديها طموح تكنولوجي لن يتوقف عند حد، الخسارة بالنسبة للملكة كانت ستحدث فيما لو لم يفز إسلاميو تركيا الأذكياء جدا الذين صنعوا نهضة تركيا القوية والحديثة، لأن التيارات العلمانية والقومية واليسارية تعادي الإسلام من منطلق ايدلوجي واضح ضده وبالتالي فوجهتها وعلاقاتها دوما هي الغرب بحكم ارتباطها الايديولوجي والفلسفي به، وموقفهما المشترك من العرب والإسلام بشكل عام.

ولن تجد هذه القوى غضاضة من التعامل على أساس المصالح فقط مع عدونا العقدي التاريخي أيضا إيران، وبالتالي تتحرك الايديولوجيا الإيرانية مع مصالحها بقوة وهذا سيغير من التركيبة الديموغرافية والعقدية لتركيا لصالح إيران ونفوذها، ولن يكون ذلك الأمر سوى كارثة على أمتنا بشكل عام.

يقول الكاتب السعودي خلف الحربي: "نجاح أردوغان وحزبه أفضل بالنسبة لنا كعرب مهمشين وكمسلمين مسحوقين من نجاح قومي تركي لا يعيرنا أدنى اهتمام بل قد يذهب إلى أبعد من ذلك فيتشارك مع أعدائنا في تل أبيب وطهران في تقاسم ديارنا الممزقة، وإذا كان موقف أردوغان من القضيتين السورية والفلسطينية موقفا مشرفا وينسجم مع مواقفنا فلماذا نتمنى فوز من يقف الموقف النقيض لمجرد إغاظة بعضنا البعض؟".

إن إسلاميي تركيا رغم العداء الذي صنعته النخب الليبرالية السعودية ضدهم وتشويههم في وسائل الإعلام المختلفة لم يقفوا ضد المملكة وقاداتها السابقين موقف العداء بل التزموا الصمت مدركين أن ثمة قوى تسعى لصناعة الخلافات بين الأشقاء لن تخدم سوى القوى المتربصة بالمنطقة وهذا ما يحدث اليوم.

كما يدرك الإسلاميون الأتراك جيدا أن النظم الملكية لا تنظر إلى الأمور من زاوية سلطتها هي، بل تنظر إلى الأمور من زاوية ما يترتب على بقائها من قدرة على الحفاظ على مصالح شعوبها ووحدتها الوطنية كما هي عليه المملكة العربية السعودية وقيادتها اليوم، إذا إن هناك علاقة ارتباط بين النظم الملكية المحترمة وقوة بلدانها الاقتصادية.

فالديمقراطية مثلا ما كانت قادرة على توفير الأمن والاستقرار المرتكز على احترام إرادة الشعوب وتطلعاتها في منطقة الخليج وخصوصا السعودية لأنه لو لم يكن هناك نظام ملكي منفتح بوعي على شعبه ويبادله المودة والاحترام انطلاقا من تقديره لمكانته كمواطن صالح كريم حر يستحق الحياة الأفضل لتفككت دولة كبيرة وقوية كالسعودية لأن الديمقراطية كانت ستحفز الانحرافات المؤامراتية الكامنة لدى البعض وهو ما سيؤدي إلى مضاعفات خطيرة لن تخدم البلاد.

لكن النظام الملكي بناء على نوعية وعي قياداته وفر أسس دولة قوية استطاعت أن تبني البلاد بناء قويا صلبا وحقيقيا دون أن تُمارس قهرا وتجبرا على إنسانها، فلدى الشعب السعودي ثقة حرة بقاداته الجدد ويبادلهم مودة واحترامًا وإدراكًا مشتركًا بالتحديات الموضوعية وما تحاول ان تنتجه من تحديات  ذاتية، فنحن كإسلاميين ضدّ أن تستغل الديمقراطية من قبل البعض في محاولات زعزعة الخصوصيات الإيجابية التي تستطيع أن تؤهل شعوبها وتدفعها نحو تحقيق ذاتها باقتدار وفاعلية انطلاقا من تجاربها الذاتية الخاصة ومجمل خصوصياتها الإيجابية وعناصر قوتها المختلفة.

عن الكاتب

رداد السلامي

صحفي يمني


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس