مولاي علي الأمغاري - خاص ترك برس

"وصلت رسالتكم"، عبارة كررها البروفيسور داود أوغلو مرتين، مرة حين ظهرت نتائج انتخاب 7 حزيران/ يونيو، ثم أعادها عند ظهور النتائج الأولية لانتخابات فاتح تشرين الثاني/ نوفمبر.

ما جعل البروفيسور داود أوغلو يكرر "وصلت رسالتكم" في كلتا المناسبتين، هو اقتناعه التام أنه موظف لدى الشعب، يتلقى الأوامر منه فقط دون إملاءات داخلية خارج إطار الدولة، ولا خارجية تسعى لمصالحها الخاصة.

وفي أكثر من مناسبة  أكد رئيس الوزراء التركي أن الشعب هو الذي يحق له إعطاء التعليمات لحزب العدالة والتنمية، وأن باقي الإملاءات مهما كان مصدرها لا تهم الحزب وقادته، لأن الشعب هو الذي اختاره للحكم، وهو الذي يحق له محاسبته، وأن نتائج انتخابات السابع من حزيران لم تكن سيئة أبدا بأي مقياس من المقاييس، وأنه يحترم مخرجات الصندوق الانتخابي كيفما كانت.

وفي كل  لقاء تلفزيوني أو مع الصحافة أو الجماهير، يحرص رئيس الوزراء داود أوغلو على التأكيد على أنه يعمل لصالح وحدة تركيا وأمنها واستقرارها كأولوية كبرى، كما في خطاب "على طريق تركيا الجديدة" (والذي أكد فيه على تمسكه بالديمقراطية كضمانة وحيدة لعدم تراجع تركيا لماضي الانقلابات والإرهاب ومخلفاتها على الشعب التركي، كما طالب الشعب التركي بالتأكد من عمل الحكومة على ثلاثة أمور مهمة لتركيا وشعبها وهي :

- استمرار الجهود الرامية لتشكيل الحكومة                                                        

- استمرار العمل من أجل حماية النظام العام وتأمين المواطنين.                                                                                   

اتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل ضمان عدم تأثر الاقتصاد التركي سلبيا بالأحداث الجارية.

نعم الشعب تركي أعطى فرصة للحكومة الائتلافية الواحدة والعشرين في تاريخ تركيا الحديثة لتخرج للحياة، بعد أن فشلت طيلة تاريخ الجمهورية التركية الحديثة، لكن الأتراك تأكدوا بعد ذلك أن تركيا لا تُحكم إلا بحزب واحد، يمنح تركيا الاستقرار والذي ذاق الشعب التركي حلاوته وجنا ثماره طيلة فترة حكم الطيب أردوغان وحزبه.

لهذا مباشرة بعد تلقي العدالة والتنمية رسالة الشعب التركي، دخل في مرحلة "تصويب المسار"، والبدء في السياسة التصحيحية والتي جعلت مقرات الحزب كخلية نحل جاءها  إنذار الخطر، فكانت خمسة أشهر الماضية فرصة لتطوير الذات وترتيب الصفوف، ووقت للمحاسبة والمكاشفة ومراجعة سياسة الحزب وخطاباته، والكل لاحظ التغير الإيجابي في البرنامج الانتخابي للحزب وخطاباته  الموجهة للداخل والخارج، كما حاول تلبية مطالب الشعب الجديدة في جميع المجالات.

ثم مرت خمسة أشهر بكل أحداثها ومشاكلها ومؤامراتها، وكأني بالعدالة والتنمية عمل بوصية أحد الكتاب الأتراك حينما قال: (إن رفع حزب العدالة والتنمية من إيجابياته، وعدم تكراره للأخطاء التي وقع فيها قبيل انتخابات 7 حزيران، سيجعل الشعب يجدد الثقة فيه يوم فاتح نوفمبر المقبل، من أجل مواصلة  السير في تحقيق مشروع "تركيا الجديدة").

وجاء فاتح تشرين الثاني، وقال الشعب التركي كلمته، ومنح حزب العدالة والتنمية ما تمنى وأكثر، فأرجعه إلى الحكم منفردا بـ317 مقعدا في البرلمان التركي، وصوت لاستمرار "مشروع تركيا الحديثة برؤية 2023" وقطع الطريق عن كل من سعى في الفترة الماضية لزعزعة أمن تركيا سواء كانت قوى داخلية أو خارجية، كما أصدر حكم الإعدام على مشروع الحكومة الائتلافية الواحدة والعشرين، والتي لم تستغل أحزاب المعارضة فرصة 7 حزيران لتشكيلها، فاختار في سابقة ديمقراطية في تاريخ تركيا الحديثة، منح حزب العدالة والتنمية الأغلبية الساحقة، بنسبة قاربت 50 في المائة و بأكثر من 23 مليون صوت وبنسبة مشاركة 86 بالمائة، مع زيادة نسبة التصويت لحزب العدالة والتنمية في كل محافظات تركيا الـ81 بدون استثناء.

وافق الشعب التركي على شعار قادة الحزب: "شعب واحد بعلم واحد بدولة واحد بمستقبل واحد"، وكان ضوءًا أخضر لأردوغان وداود أوغلو من أجل المضي في مسيرة الإصلاحات الدستورية والقانونية الكبرى، والمشاريع التنموية العظمى.

واللذان شكلا ثنائيا متناغما عرفا كيف يجنبان تركيا أثر المؤامرات الداخلية والخارجية، والتي عمل أصحابها على إرجاع تركيا إلى زمن الوصاية، وإشعال نار الفتنة بين الزعيمين، ولكن هيهات هيهات.

إن شعب التركي في 7 حزيران أرسل رسالة واضحة غير مشفرة للعدالة والتنمية، فاحترامها داود أوغلو وحزبه، وكان جوابهم: "نسمع ونطيع، نسدد ونقارب"، ثم بعدها، فكر الشعب التركي وقدر ثم فكر ونظر ثم قال بصوته الانتخابي في فاتح نوفمبر: "إنهم يتكلمون ويلعبون، والعدالة والتنمية يعمل وينجز، فهيا بسم الله".

"وصلت رسالتكم" كلمة لها معاني كبيرة عند قادة العدالة والتنمية، لأنهم عملوا طيلة 13 عاما على إزالة كل ما يقطع تواصلهم مع الشعب التركي، أو يكون واسطة بينه وبينهم، فهم يسمعون للشعب ويخدمون الوطن، وهذا التجاوب والتواصل المباشر، هو ما أكده رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في مقابلة خاصة مع "صحيفة ملييت" حين قال: (إن أسباب نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات تتمثل في ثلاث نقاط أساسية وهي:          

- السبب الأول: هو الصدق مع المواطنين والتفاني في خدمة الشعب وهذا ما شعر به المواطن التركي عند توجهه إلى الانتخابات.              

- السبب الثاني: يتمثل بتوفير الاستقرار السياسي والاقتصادي حيث تأثر قطاع الأعمال والاقتصاد التركي سلبا في فترة عدم الاستقرار السياسي.    

- السبب الثالث يكمن بجود رؤية واضحة للمستقبل عند حزب العدالة والتنمية، حيث يملك الحزب رؤية واضحة للصورة المستقبلية لتركيا في 2023.

لقد كان حزب العدالة والتنمية اسما على مسمى، قال الأخ الكاتب والصحفي حمزة تكين: (ما أمّن النجاح الباهر لـ"الحزب العدالة والتنمية"، هو عمله الدؤوب على تحقيق "العدالة" للجميع دون أي تفرقة أو تمييز لأي اعتبار، كما يحصل في غير مكان، وعمله على تحقيق "التنمية" للجميع دون أي تفرقة أو تمييز).

شهادة لله ثم للتاريخ.

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس