جلال سلمي - خاص ترك برس

قد يتساءل متابعو الساحة التركية لماذا لا تفوز أحزاب المعارضة التركية في الانتخابات في تركيا؟ حتى يمكن أن يطرح المتابع للشأن التركي بشكل أدق وأكثر تعمقًا سؤال؛ على الرغم من تجمع جميع الأحزاب السياسية المعارضة تحت "سقف" واحد وترشيحهم عضوًا ذي مرجعية إسلامية، هذا العضو كان أكمل الدين إحسان أوغلو الذي كان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما بين 2004 إلى 2014، من أجل النيل من رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية التي تمت بتاريخ 19 آب/ أغسطس 2015، ولكن لم ينجحوا في ذلك؛ لماذا؟

سؤال جوهري يحاول العديد من الخبراء السياسيين والأكاديميين الأتراك من خلال أبحاثهم المتعمقة والمتنوعة الإجابة عليه ووضع قاعدة أساسية للأسباب التي تتفرع منه وتمثل جوهره، من الخبراء السياسيين والأكاديميين الذين يتناولون هذا الموضوع البروفسور طانجو طوسون الأكاديمي في جامعة إيجه التعليمية في إزمير، يتناول طوسون جزء من هذا السؤال من خلال دارسة أكاديمية تحت عنوان "لماذا لا يفوز حزب الشعب الجمهوري بالانتخابات؟" نُشرت بتاريخ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في الجزيرة ترك.

يشير طوسون إلى أن "حزب الشعب الجمهوري على الرغم من أنه يُعد أقدم الأحزاب السياسية التي يتزامن تأسيسها مع تأسيس الجمهورية التركية إلا أنه منذ بدء إجراء الانتخابات الديمقراطية المتعددة، في تركيا، عام 1950 وحتى يومنا الحالي لم يتصدر الأغلبية المفردة التي تؤهله لتأسيس حكومة بمفرده، تذكر الوثائق التاريخية بأنه استطاع تحصيل الأغلبية الانتخابية عام 1973 بنسبة 33% ولكن هذه النسبة انخفضت ولم تتعدى الـ 27 % إلى يومنا الحالي".

وتحت سؤال مالذي يجعل حزب الشعب الجمهوري لا يستطيع تحقيق الفوز بالأغلبية؟ يسرد طوسون أسباب خسارة حزب الشعب الجمهوري المستمرة:

ـ بعد الحملة الإعلامية  السوداء التي قادها المتعارضين سياسيًا مع حزب الشعب الجمهوري والتي تصوره على أنه حزب الظلم والعلمانية ومحاربة الدين ودعم الانقلابات العسكرية وحزب الانتكاسات الاقتصادية القاسية وغيرها من الشعارات السلبية المُشوهة لصورته، أصبح حزب الشعب الجمهوري بمثابة مصدر ألم للعديد من المواطنين الأتراك وخاصة المحافظين الذين يمثلون 85% من نسبة الشعب التركي.

ـ عدم وجود قاعدة شعبية وأنصار كافية لإيصال الحملات الانتخابية للمدن الفرعية في تركيا، يُلاحظ بأن الشعب الجمهوري بالعادة يفوز بالمدن الساحلية وبجزء بسيط ببعض المدن المركزية مثل إسطنبول وأنقرة ولكن لا يستطيع تحصيل نجاح ملحوظ في مناطق أخرى وهذا نابع بشكل كبير من عدم وجود ممثلين شعبيين له في تلك المناطق.

ـ حصوله على تأييد من اليساريين بشكل أساسي، وهذا مايؤكد نظرية كونه حزب "الملحدين".

ـ بعد تعانت زعيم الحزب كمال كيليجدار أوغلو في قضية تأسيس الحكومة بعد سنوح الفرصة لحزبه للتوافق مع حزب العدالة والتنمية؛ تشكلت قناعة لدى الشعب وهي بأن حزب الشعب الجمهوري غير جدي في المشاركة بالحكم بل يسعى لتعطيل عمل حزب العدالة والتنمية وهذا ما يعود بالتأثير السلبي على المصالح العامة لتركيا.

وفيما يتعلق بحزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، يتناول الموضوع الباحث السياسي أوزجور أردام، في مقال سياسي بعنوان "لماذا تخسر أحزاب المعارضة أمام حزب العدالة والتنمية؟" نُشرت في جريدة ترك بتاريخ 9 نوفمبر 2015، يسرد أردام الأسباب بالشكل التالي:

ـ بما يخص حزب الحركة القومية؛ فإنه بحاجة ماسة إلى قيادة أكثر شبابًا وأكثر عزمًا وأكثر حنكة.

ـ حزبا الحركة القومية والشعوب الديمقراطي يحملان فكرة القومية، وبالعادة هذه الحزب تسوق نفسها على أساس قومي ولا تتطرق بشكل مفصل ومعمق، كما يبغى الناخب، إلى القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذان الحزبان يمثلان فقط ما نسبته 21 % أو 25% من الشعب التركي وهذا إن دل فإنه يدل على أن الشعب التركي يتقرب بشكل عام إلى الأحزاب الحاضنة بشكل متساوي مثل حزب العدالة والتنمية الذي يسترق فكره وإيدلوجيته من الأصالة التاريخية الحاضنة للجميع دون أي تمييز عرقي.

ـ عدم وجود كتل شبابية شعبية ممثلة لهذا الأحزاب في جميع أنحاء تركيا بل تتمركز هذه الأحزاب في مناطق معينة وهذا ما يجعل نسبة فوزها بنتيجة عالية أمر مستحيل نوعًا ما.

ـ الروح المحافظة الغير مفرقة بين تركي وكردي وعربي وأعجمي المُسيطرة على الشعب التركي وثقافته.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!