أ.د. محمد مرعي مرعي - خاص ترك برس

أصبح تقرير التنمية البشرية السنوي دالة على مدى تقدّم كل دولة وتطورها المستمر كونه يصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويتسم بقدر كبير من الموضوعية ويعكس حقائق مكونات التنمية البشرية التي تصنّف دول العالم في أربع فئات: تنمية بشرية مرتفعة جدا وتشمل 1 - 49 دولة، تنمية بشرية مرتفعة وتشمل 50 - 102 دولة ومنها تركيا بترتيب 69، تنمية بشرية متوسطة، وتشمل 103 - 144 دولة، تنمية بشرية ضعيفة وتشمل 145 - 187 دولة. وتضم كل فئة عدة مؤشرات مثل: المستوى التربوي والتعليمي، ومستوى الرعاية الصحية، ومستوى الحياة، ومعدل العمل، ومعدل الأمان، وحرية الاختيار، ومؤشر الرضا عن العيش في البلد، ومؤشر سوق العمل المحلي، والثقة بالأشخاص، والمجموعات المجتمعية، وجهود الدولة لمكافحة الفقر، وأعمال الدولة لحماية البيئة، والثقة بالحكومة الوطنية، ومؤشرات أخرى.

لقد أعلن حزب العدالة والتنمية رؤيته ورسالته للأتراك عبر منظومة قيم أهمها تحقيق العدالة المجتمعية وإنجاز التنمية الشاملة وعمل وفق تلك المنظومة 13 عاما، وتضمّن تقرير التنمية البشرية لعام 2014 (آخر تقرير) ما حققته حكومات العدالة والتنمية كنجاح كبير خلال فترة توليها قيادة تركيا على صعيد التنمية البشرية إذ أنها نقلت تركيا من ترتيب 85 بمؤشر 653 عام 2002، إلى ترتيب

69 عام 2013 بمؤشر 756، وبمعدل تحسّن التنمية البشرية بمقدار 1,6% سنويا.

ويبّين ملخص التقرير مؤشرات التنمية البشرية في تركيا بالقياس إلى فئتها (المرتفعة): مؤشر عام التنمية البشرية في تركيا 756، مقابل 735،. وحصة الفرد التركي من الدخل القومي الإجمالي 18391 دولار مقابل 13231، والمدة الوسطية للتعلم في تركيا 7,6 سنوات مقابل 8,1، والثقة بالحكومة الوطنية 73% لدى المواطنين، ومعدل الزيادة السكانية 1,2%، ومعدل السكان الحضر (المدن) 73,4%، ونسبة السكان أقل من 5 سنوات 6,4%، والسكان فوق 65 سنة 4,1%، ومعدل الخصوبة السكانية 1,2%، ومعدل الذكور بين المواليد 1,05%، ومعدل العمل للسكان 48,5%، والعمل المؤقت 32%، ومعدل بطالة الشباب 17,1%، ومعدل البطالة العام 8,1%، ونسبة الفقراء ممن يعملون بدولارين يوميا 6,4%، وإجازة الامومة المدفوعة 112 يوما، والمستفيدون من رعاية الشيخوخة 88%، ونسبة الأمية بين الراشدين 5,9%، والأمية بين الشباب 2,3%، ومعدل الدراسة في الثانوية 49,4%، ومعدل ترك المدرسة الابتدائية 29%، ومؤشر الرضا عن العيش 5,3 / 10، ونسبة الإنفاق على التربية في الميزانية  2,9%. إنها مؤشرات تدل على نجاح كبير على صعيد التنمية البشرية في تركيا مع بعض حالات الضعف في مؤشرات التربية والتعليم والكفاءات الاجتماعية بشكل خاص.

لكن، كيف تستطيع تركيا عبر استمرارية حكم حزب العدالة والتنمية تعزيز تلك المؤشرات وتحسينها للانتقال إلى فئة دول التنمية البشرية المرتفعة جدا؟ نقول: يتحقق ذلك عبر الانتقال إلى تنمية الموارد البشرية التي تشكّل رافعة التنمية الحقيقة وأحد المكونات الاساسية لإدارة التنمية البشرية المؤلفة من: (1- استراتيجيات الموارد البشرية، 2- تنظيم واستثمار الموارد البشرية، 3-  تنمية الموارد البشرية، 4- ممارسة التوجهات الحديثة والمعاصرة في إدارة الموارد البشرية). إذا، تمثّل تنمية الموارد البشرية المكون الثالث في تلك الإدارة، ووضّحنا في مقالات سابقة بشكل علمي ومنهجي (حالة الضعف التي تعيشها تركيا) في هذا الخصوص.

وتتضمن عملية تنمية الموارد البشرية الفعل في ستة عناصر بشكل متزامن: (1- التدريب والتطوير، 2- التحفيز ونظام الأجور، 3- تقييم الأداء الفردي والجماعي والمؤسسي، 4- إدارة المهنة والترقيات الوظيفية، 5- بناء فرق العمل الفعالة والتخلي عن طريقة العمل الفردي، إعداد قيادات إدارية كفوءة). أي تشكّل هذه العناصر أدوات النجاح الحقيقية للتنمية البشرية من طرف ولإدارة الموارد البشرية في المؤسسات والمجتمع من طرف آخر.

إن واقع تنمية الموارد البشرية التركي ليس حالة ضعف بل سبق أن مرّت كل الدول المتقدمة والناشئة بهذه الحالة لكنها شخّصتها بشكل منهجي ووضعت الخطط اللازمة للخروج منها وتحقيق الأهداف المحدّدة. لذلك، نأمل أن تنطلق تركيا فورا عبر استمرارية التركيز وبسرعة كبيرة على تنمية الموارد البشرية التي هي فقط ستنقل بلدها ومجتمعها إلى مستويات متقدمة في التنمية الشاملة عامة وفي التنمية البشرية بشكل خاص.

عن الكاتب

أ. د. محمد مرعي مرعي

جامعة غازي عنتاب، كلية الاتصالات، قسم العلاقات العامة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس