ولاء خضير - خاص ترك برس

لا زالت قضية إسقاط "المُقاتِلة الروسيّة" على طاولة النقاشات السياسيّة الساخنة، فتارةً نرى الرئيس الروسي "بوتين" يدعو تركيا للاعتذار، وتارةً أخرى نرى الرد من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن المطالب بالاعتذار هو روسيا، وليس تركيا.

ولعل هذه الأزمة، قد أبرزت تركيا على الصعيد الدولي، بأنها دولة عظمى، لها نفوذها السياسي والاقتصادي بين الشرق والغرب، سياسيا لا تستطيع دول حلف "الناتو" التخلي عن تركيا في ظل هذه الأزمة، وهي واحدة من أعضاء هذا الحلف، الذي ينص على تعاهد أعضائه على حماية بعضهم من أي خطر محدق.

اقتصاديا  تقف روسيا عاجزة عن قطع إمدادات الغاز الروسي عن تركيا، لعدم وجود بديل يضاهي قوة السوق التركي، في ظل ممانعة الجانب الأوروبي، من التعاطي الاقتصادي بشكل متين مع روسيا، إثر العقوبات الغربية على روسيا، لدورها في الأزمة الأوكرانية "القرم".

وفي ظل تصاعد الأزمة، يبدو جليًا أن بعض الجهات المحلية والإقليمية، تسعى لاستغلال هذه الأزمة على الصعيد السياسي، والعسكري، والاقتصادي.

بعض وجهات النظر لمحلليّن سياسييّن، ترى بأن حزب العمال الكردستاني يسعى لاستثمار الغضب الروسي من هذه الأزمة، على الصعيد العسكري، والسيّاسي.

وبالتزامن مع توجه التعزيزات التركية باتجاه الحدود التركية السورية، الذي قد يضعف من قوة الجيش التركي وسطوته على مناطق حزب العمال، المتركز في جنوب شرقي البلاد، بالإضافة إلى أن حزب العمال  قد يسعى لخلق بعض التحالفات مع الجانب الروسي، للاستفادة منه عسكريًا، لا سيما أن روسيا تدعم قيام دولة "كردية".

ومن الجدير بالذكر أن تركيا تاريخيًا كانت تتهم إيران، وبشكل غير مباشر، وهي الحليف الروسي المقرب، بدعم حزب العمال سياسيا وعسكريا، بهدف زعزعة استقرار الجمهورية التركية.

ومن جهة أخرى، فإن حصة الأسد "الظالم" في سوريا هي الأكبر، فإسقاط المقاتلة الروسية، قد يؤدي لزيادة غطرسة ونفوذ الجيش الروسي، في الشمال السوري، لكي يعيد لنفسه الهيبة المفقودة بعد سقوط الطائرة، مما يشكل درعا حاميا لتعزيز قوات وضربات نظام الأسد، على الشمال السوري.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تحتل تركيا المرتبة السابعة بين الدول التي تصدر لها روسيا، وعقب الأزمة، خرجت بعض الأصوات من الوسط الروسي، تدعو لمقاطعة المنتجات التُركية، من خضار وفواكه ولحوم بيضاء، واستبدالها بمنتجات إسرائيلية، أو إيرانية، ومغربية ردا على إسقاط الطائرة، وما لبثت أن تراجعت عن موقفها الداعي لمقاطعة إنتاج تركيا!.

مما لا شك فيه أن تركيا لم تكن الخاسرة في ردة فعلها الصارمة تجاه من اعتدى على سيادتها، وحدودها، فقد أعادت لنفسها الاعتبار بعملية إسقاط الطائرة، إذ نرى الشارع التركي بدا متحمسا، ومتفائلا بقوة تركيا التي لم تعد كالسابق، ونرى الشارع العربي، بدأ ينشد بطولات الذئب التركي الذي أسقط  الطائرة الروسية.

كما كسبت تركيا القوية الموقف الدولي،  فالولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية صرحت بدعمها الموقف التركي بإسقاط الطائرة، من باب عدم شرعية اختراق الطائرة للإجواء التركية.

بيد أن تركيا صرحت، وعلى لسان رئيسها رجب طيب أردوغان "لا نريد تفاقم الأزمة، أو إشعال فتيل أي حرب قادمة، علاقاتنا مع روسيا استراتيجية، ونوليها أهمية كبيرة". ويبقى السؤال ماذا ستشهد الأيام القادمة!.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!