جلال سلمي - خاص ترك برس

تم إسقاط الطائرة الروسية، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، من قبل القوات العسكرية التركية، بذريعة اختراقها للأجواء السيادية لتركيا.

الثورة السورية التي انطلقت بين الشعب والنظام المستبد، لم تنحصر بينهما فقط، بل تفرعت وتوسعت رقعتها وحجم تأثيرها، إلى أن تبين بعد ذلك بأنها ليست مجرد نزاع بين ثورة عادلة ونظام مُستبد، بل نزاع دفين ومُبيت بين عناصر دولية وإقليمية فعالة حول العالم.

وهذا ما يشير إليه المحلل السياسي حسن يالجين، الكاتب السياسي في جريدة يني شفق، إذ يبين في مقاله "مابعد أزمة إسقاط الطائرة" بأن "الثورة السورية التي انطلقت بعفة ومطالب بسيطة وطبيعية، تمددت واتسعت وكبر حجم تأثيرها، حتى طال العديد من الدول حول العالم، فأزمة اللاجئين وعدم الاستقرار الأمني، عنصران كلفا تركيا الكثير، ولم تقتصر أزمة اللاجئين على تركيا بل كان للاتحاد الأوروبي الذي صُعق وارتعب من أحجام بسيطة للاجئين المتدفقين نحوه، نصيبٌ ملموس منها، كما أن مصالح الدب الروسي والعمامة الإيرانية، في سوريا، كانت أولى العناصر التي اهتزت نتيجة انطلاق هذه الثورة المطالبة بالحرية والاستقلال ونزع عباءة التبعية".

ويتابع يالجين قائلًا: "لا يمكن إغفال التركيز على نقطة أن الثورة السورية من أكثر الثورات التي أثرت على أمن واستقرار إسرائيل، وكما هو معلوم، علاقة المصالح الإسرائيلية الأمريكية علاقة ثنائية مُشتركة، ما يضر بالمصالح الإسرائيلية يضر بالولايات المُتحدة الأمريكية، وكان نهج الولايات المُتحدة الأمريكية، في بداية الثورة، مُتباطئ و"متخاذل" في دعم الثورة، هذا التخاذل كان يهدف إلى استنزاف قوى الطرفين"النظام والثوار" وبالتالي إيجاد سورية هرمة مُدمرة غير قادرة على شيء، لكن هذا التخاذل سبب في ازدياد الثورة السورية تعقيدًا وعدم اتضاح أبعادها ومجرياتها ونتائجها المُتوقعة".

ويرى يالجين أن "سياسة الولايات المُتحدة الأمريكية المُبهمة والغير واضحة من أكثر العناصر التي أضرت بمصالح تركيا ومصالح الثورة السورية العادلة، منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة، ألحت تركيا على الولايات المُتحدة الأمريكية أمر التدخل العسكري المشترك لوقف الجرائم التي يرتكبها النظام بحق الشعب السوري الأعزل، ولإنقاذ المنطقة من أي تبعات يمكن أن تنتهي بعواقب وخيمة، ولكن الولايات المُتحدة الأمريكية لم تُصغي للطلب التركي ولم تُبدي مصالح المنطقة العامة على المصالح الإسرائيلية".

ومن جانبه، يوضح الباحث السياسي أوزغور أونلو هصارجيكلي، في مقاله  "السياسية التركية الأمريكية تُجاه سوريا" المنشورة على موقع الجزيرة ترك، أن "مماطلة الولايات المُتحدة الأمريكية في التحرك ضد نظام الأسد، أوصل تركيا إلى حالة لا يُحمد عليها، إذ أثبتت هذه الحالة، بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية، بأن تركيا أصبحت على صفيح ساخن، نتيجة لعدم جدية الولايات المُتحدة الأمريكية في التحرك ضد النظام ومُجهضي الثورة المعتدلة ونتيجة لجدية روسيا في القضاء على الثورة وإطفاء لهيبها وبالتالي ترجيح الكفة لصالح نظام الأسد".

ويدغم هصارجيكلي "اليوم بعد أن وصل الأمر إلى ردع تركيا لروسيا وتحذيرها من مغبة اختراق أجوائها السيادية، تكون تركيا بذلك ألقت الكرة في الملعب الروسي، وأعطته رسالة غير مباشرة مفاد فحواها "الكرة في  ملعبكم، إن أردتم التصعيد فنحن لها، لن نترك الثورة السورية تُثل من قبلكم، سندعمها بكافة الوسائل، هذه الرسالة تلقاه بوتين جيدًا، ولكن غروره الناتج عن كون اعتقاده روسيا "دولة عُظمى" دفعه إلى المزيدة من الغطرسة والهنجعية، في ظل هذا الغرور يُتوقع من تركيا استعمال ورقة الغاز وتنويع الدول التي تستورد منها الغاز الطبيعي، لتوجيه ضربة قوية للاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل وَكيد على السوق التركية التي تستورد منه ما نسبته 55% من الحجم الإجمالي".

وفي مقال متصل بذات الشأن، يؤكد البروفسور في مجال العلوم السياسية غوك تورك تويسوز أوغلو، في مقاله لموقع الأكاديمية السياسية، بأن "تركيا تعلم جيدا ً حجم الخطورة المحيطة بها، ولن تسمح لروسيا إضاعة ماقامت به لمدة أكثر من 4 سنوات، بعد إسقاط الطائرة، ستزيد تركيا من حجم حماياتها لحدودها وقد تستعين بالناتو، أما على أرض الميدان فتزيد من دفعة مساعداتها المادية والإنسانية ليس فقط للقوات التركمانية، بل لكافة قوات المعارضة السورية".

ويتابع تويسوز أغلو مبينًا أن "تركيا اليوم لا تستطيع التراجع، وستشهد المرحلة المُقبلة بعض الإجراءات الفعلية والجادة من قبل تركيا بما يخص القضية السورية، تركيا ستدعم القضية السورية دبلوماسيًا من خلال طرح فكرة المنطقة الأمنة على عدة جهات دولية، وإقناع هذه الجهات بالتحرك الجاد لإتمامها، ويبدو بأن الاتحاد الأوروبي مُستعد لذلك بعد تدفق اللاجئين الذي أصابه، وستستمر في دعمها الميداني للقوات الميدانية بكافة السُبل".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!