رسول طوصون - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

لا شك أنّ عزل الإيرانيين عن النظام الدولي منذ الثورة عام 1979، لم يساهم في تمرد الإيرانيين ضد النظام كما كان يعتقد الغرب، وإنما ساهم في كراهية الإيرانيين للنظام العالمي وللغرب، وهذا جعلهم تلقائيا يتوجهون نحو تطوير علاقاتهم مع روسيا والصين، لكن الغرب الآن لا يريد أنْ تتعمق إيران أكثر في علاقاتها مع الصين وروسيا، ولذلك اتفق مع إيران وقرر رفع الحصار المفروض عليها، ومن المؤكد أنّ هذا القرار أزال العديد من العوائق أمام تقوية إيران وزيادة نفوذها في المنطقة.

وعلى الرغم من استمرار أمريكا حتى الآن في منع العلاقات التجارية مع إيران، إلا أنّ العلاقات التجارية بين إيران وبين دول الاتحاد الأوروبي عادت إلى وضعها الطبيعي، ودخلت إيران إلى النظام المصرفي العالمي، هذا بدوره ساهم في حصولها على مبلغ قدره 100 مليار دولار، وساهم في تسهيل عودتها لبيع النفط، ولذلك تعيش إيران اليوم حالة من الازدهار.

لكن هل ستقود هذه القرارات إلى إضعاف العلاقات الروسية الإيرانية، أم ستنقلها إلى مرحلة أبعد؟ لا نستطيع الجزم بذلك الآن، خصوصا وأنّ اللقاءات الثنائية على مستوى وزراء الخارجية بين روسيا وأمريكا ما تزال مستمرة، كما أنّ معرفة تصرف النظام الإيراني على صعيد زيادة سياسته التوسعية في المنطقة، هو أمرٌ غير واضح الآن.

ولا شك أنّ نجاح إيران في تطبيع العلاقات مع الغرب أزعج إسرائيل، ولا يمكننا نفي الانزعاج السعودي أيضا، ومن المؤكّد أنّ النجم الإيراني لمع، ويتم تلميعه، في مرحلة يتم فيها إعادة تشكيل أوراق المنطقة من جديد، لكنني أعتقد أنّ الاختبار الحقيقي لإيران سيبدأ من الآن فصاعدا.

فهل ستستخدم إيران زيادة قوتها لمصلحة الأمة، أم عليها؟ سننتظر ونرى، فقد استخدمت قوتها حتى الأمس ضد مصالح الأمة، فهل ستستمر في زيادة تعقيد الأوضاع في العالم الإسلامي، أم أنها ستعيد رسم علاقاتها مع تركيا ودول المنطقة بنفس المرونة التي أبدتها مع علاقاتها بالشيطان الأكبر بنظرها؟

وهل ستعد إيران الآن تركيا، التي وقفت إلى جانبها في مفاوضاتها النووية في مصاف الدول الصديقة لها أم المعادية لها؟ أتمنى أنْ تكون دعوةُ سفير إيران في أنقرة تركيا إلى استثمار 300 مليار دولار، دعوةً إلى أنْ تكون العلاقات التركية الإيرانية علاقات دول صديقة، وأتمنى أنْ تتحسن العلاقات الإيرانية التركية بعد هذه الدعوة.

نجح الدبلوماسيون الإيرانيون من خلال مرونتهم مع الشيطان الأكبر، في تحقيق نجاح تاريخي وعظيم، فإذا كان الإيرانيون يتفقون حتى مع الشيطان الأكبر، أعتقد أنّ بإمكانهم الاتفاق مع تركيا والسعودية، من أجل الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية، وتحقيق مصالحها، واتحاد تركيا مع إيران والسعودية، سيجعل الشرق الأوسط تحت سيطرتهم، كما سيصب في مصلحة الأمة الإسلامية، والعالم أجمع.

ولهذا ننتظر لنرى هل بإمكان الإيرانيين الذين اتفقوا مع الشيطان الأكبر، أنْ يتحالفوا مع تركيا والسعودية من أجل تحقيق مصالح الأمة الإسلامية؟ وهل سيتحركون وفق وعي وحدة الأمة؟ أعتقد أنّ التصرف المثالي لهم سيكون وفق رؤية وحدة الأمة، ووحدة أهدافها ومصالحها، وهذا ما أتمناه، ونسأل الله أنْ يحصل ذلك.

عن الكاتب

رسول طوصون

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس