جلال سلمي - خاص ترك برس

صرح الرئيس الإيراني "حسن روحاني"، قبيل انتخابات مجلس الخبراء والبرلمان، بأن هذه الانتخابات ستكون بمثابة الاستفتاء على السياسات التي انتهجها منذ توليه لمقاليد الحكم وحتى الآن.

كان روحاني يتمتع ثقة كبيرة في أثناء قيامه بهذه التصريحات، وكان على ما يبدو على يقين بأنه سيتمكن من النجاح في هذه الانتخابات، مُرجعًا هذه الثقة الكبيرة إلى حاجة إيران شعبًا وحكومةً الماسة للانفتاح على العالم الخارجي وعلى كافة الأصعدة.

وعلى الرغم من عدم توفر معلومات شفافة أكيدة عن النسب الخاصة بالعملية الانتخابية، إلا أن وسائل الإعلام الإيرانية المحلية والعالمية أكدت أن الإصلاحيين حصلوا على كافة مقاعد البرلمان 30 مقعد و15 مقعد من أصل 16 مقعد في مجلس الخبراء على مستوى العاصمة طهران، وتقاسم الإصلاحيون بتفوق المقاعد الأخرى مع المحافظين والمحافظين المعتدلين، الأمر الذي يؤكد فوز روحاني وسياسته في الاستفتاء الشعبي الذي حدده روحاني لنفسه.

واستنادًا على الدور الحيوي الذي تلعبه إيران على المستويين الإقليمي والدولي، أصبح الكثير يترقب السياسات الجديدة المحتملة للسياسة الإيرانية، عقب عملية الانتخابات الأخيرة.

وفي تعقيب له على السياسات المحتملة على الصعيد الخارجي لإيران، يوضح الباحث السياسي "سامي كوهين" أن نتائج الانتخابات الإيرانية أظهرت الدعم الواضح من قبل الإيرانيين لسياسة روحاني التي اتبعت سياسة الانفتاح السياسي والاقتصادي، وفتحت المجال أمام إيران لتحظى بالعديد من الفرص السياسية والاقتصادية على الصعيد الخارجي.

ويشير كوهين، في مقاله بصحيفة ملييت "ماذا ستغير نتيجة الانتخابات الإيرانية؟" إلى أن روحاني ورفقاء دربه سيواظبون على سياسة الانفتاح التي تلقوا تأييد الشعب الصريح لها، من خلال صندوق الاقتراع، موضحًا أن روحاني سيوسع من رقعة سياسته المتجهة نحو الانفتاح، وسيعزز حجم التعاون مع الغرب بشكل قوي.

ويشدد كوهين على عدم توقع حدوث تغير جذري في السياسة الخارجية الإيرانية، منوّهًا إلى أن النظام الإيراني يرتكز على دعائم المذهب الشيعي، وإن حدث بعض الانفتاح الخارجي، فهذا لا يعني الانفتاح التام، بل يعني انفتاحًا من أجل مصلحة الدولة الإسلامية التي يُعد المرشد الأعلى هو رأس السلطة الأقوى بها، وبطبيعة الحال يمكن أن تتوسع سياسة الانفتاح، ولكن لا يلوح في الأفق ترك المذهب الشيعي كأداة أساسية للتوسع في محيط منطقة الشرق الأوسط، مُحدثةً عداءً مذهبيًا شرسًا.

من يظن أن السياسة الخارجية الإيرانية ستتغير تجاه منطقة الشرق الأوسط، بعد فوز الإصلاحيين المعتدلين في إيران، فهو لا يعي الهدف الأساسي للجمهورية الإيرانية، وهو "نشر الثورة الإسلامية" في أكبر رقعة جغرافية ممكنة، وهذا ما يدل على "ثبات" السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة الشرق، بما فيها تركيا التي تمثل الخصم الأساسي "الضمني" لإيران التي تراها رأس القطب السني في المنطقة، على الرغم من نفي تركيا المتكرر لاتباع السياسة المذهبية كأساس في سياستها الخارجية.

ويُلاحظ الناظر في السياسة الخارجية إلى إيران منذ عام 1979 وحتى الآن، أنه لا تغيير جذري في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة، إذ أنها تدعم كافة الثورات والحركات الثورية التي يمكن أن تخدم مشروعها التوسعي، مؤكدًا أن الانفتاح الإيراني على العالم، لم يأتِ في ضوء ضعف العنصر الديني داخل أركان الدولة الإيرانية، بل جاء بدعم كبير من القيادة الدينية، لاستخدامه في خدمة المصالح الاقتصادية فقط، حيث لا يشمل هذا الانفتاح الصعيد السياسي والحقوقي، بمعنى أنه لن تكون هناك حقوق ديمقراطية مفتوحة وحرية للتعبير عن الرأي وغيرها من الحريات التي يمكن أن تعم المجتمع الإيراني بعد هذا الانفتاح، وبالتالي لن يكون هناك تغيير جذري في أعراف السياسة الإيرانية تجاه منطقة الشرق الأوسط.

في الختام؛ لا يجب الاعتماد على فوز الإصلاحيين لإحداث تغيير إيجابي في السياسة الإيرانية تجاه منطقة الشرق الأوسط، بل إن سياسة الردع بالقوة هي السياسة الوحيدة التي يمكن أن تقف في وجه إيران التي تحاول نشر مذهبها الشيعي مستخدمةً الدعائم "البراغماتية".

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس