جلال سلمي - خاص ترك برس

تتفاقم التحديات التي تحيط بتركيا على الصعيدين الداخلي والخارجي، يومًا بعد يوم، متجهةً نحو التعقيد والالتباس، لخروجها عن إرادة القيادة التركية، وإسهام الكثير من الجهات الدولية في تغيير مسارها.

ووفقًا للخبير السياسي "فخر الدين ألتون"، رئيس مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، فإن تركيا أمست على صفيح الساخن، غداة التدهور الملحوظ الذي أصاب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والذي أصبح ينم عن وجود مخططات تسعى الدول الأجنبية من خلالها إلى تقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى جزيئات جغرافية متقاطعة، ولم يقتصر التدهور على منطقة الشرق الأوسط بل أصاب أوروبا أيضًا، عبر العمليات الإرهابية، الأمر الذي زاد من عقدة التحرك التركي على الصعيد الخارجي، والصعيد الداخلي ليس في حال جيد، فالتفجيرات الإرهابية التي تكررت مؤخرًا، زادت من حرارة الصفيح المشتعل.

وحسب ما يورده الخبير، في مقاله "الرقص مع الذئاب"، الذي نُشر في موقع سيتا، فإن الازدواجية المعيارية التي يتسم بها الغرب، من أكثر العناصر التي تُرهق تركيا في نزع فتيل الصفيح الساخن، إذ أن هذه الدول وجهت حملة إعلامية شرسة ضد تركيا، عقب وقوع بعض الانفجارات الإرهابية بداخلها، مروجة عبر وسائل إعلامها أن الدولة التركية باتت على شفا السقوط في مستنقع الحراب السوري، ولكن عندما وقعت الانفجارات في بروكسل على الفور ركضت هذه الدول إلى إرسال رسائل التكافل والتضامن إلى بلجيكا، مؤكدةً أن هذه الأحداث عرضية مؤقتة سيتم احتوائها في أسرع وقت.

ويؤكّد ألتون أن لهذه السياسة عواقب وخيمة غير محدودة بالتعبير عن ذلك عبر وسائل الإعلام فقط، بل إن آثارها تسبب الكثير من الخسائر الاقتصادية لتركيا، حيث يُصبح السائح والمستثمر الأجنبيين متوجسين من زيارة تركيا أو العمل بها، وكما يسبب ذلك في حجر الثقة السياسية الدولية بتركيا وغيرها من الخسائر التي ستكبد بها تركيا على إثر هذه الازدواجية المعيارية في وسائل الإعلام.

ويُضيف ألتون أن تركيا بغنى عن هذه الخسائر، لما تعاني منه من خسائر نتجت عن حالة عدم الاستقرار الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، إذ تحاول تعويض هذه الحالة من خلال التقارب إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهناك جهود حثيثة تبذلها تركيا لإنجاح عملية التفاوض الجارية بين الطرفين، ولكن التساؤل الذي يطرحه الإنسان مغرمًا هو لماذا ما زالت الدول الأوروبية حتى الآن تتبع سلوكيات غير جادة فيما يخص إرساء دعائم اتفاق تعاوني بينها وبين تركيا؟ على الرغم من وجود قاسم مشترك بينها وبين تركيا في عدة مجالات، لماذا إلى الآن تحاول إقصاء تركيا وتضليل الصورة الحقيقية لحجم التقدم الذي حققته في عدة مجالات؟

وفي غضون ذلك، يُشير الباحث السياسي "أفق أولوطاش" إلى أن تركيا تتعرض لتفجيرات إرهابية مدعومة من قبل استخبارات بعض الجهات الأجنبية التي أصبحت معروفة للجميع، مبينًا أن الازدواجية المعيارية التي تُعامل بها تركيا ليس المشكلة الرئيسية بالنسبة لتركيا، بل إن عدم إثبات الدول الأوروبية جديتها في التعاون مع تركيا لإيجاد حلول جذرية لكافة القضايا التي تعاني منها المنطقة، والتي تنتقل نتائجها السلبية إلى أوروبا وغيرها من المناطق، هي المشكلة الرئيسية التي تواجه تركيا.

وفي مقاله بصحيفة أقشام "كيف يمكن عدم مواجهة الإرهاب"، يبيّن أولوطاش أن تركيا دعت الدول الأوروبية أكثر من مرة لإرساء حلول جذرية لعدد من القضايا، ولكن الاتحاد الأوروبي يحيد عن هذه الخطط، ربما لعدم رغبته في إظهار تركيا في صورة الدولة ذات القوة الإقليمية السياسية والاقتصادية، وبدلا ً من هذه السياسة يتجه لتطبيق إجراءات أمنية داخلية، دون إشراك تركيا التي أبدت الاستعداد الجاد للتعاون في محاربة الإرهاب، في هذه الإجراءات، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي يتحرك مع تركيا فقط في قضية اللاجئين، ولا يتطرق بشكل مفصل إلى القضايا الأخرى، وهذا ما يزيد من حجم العثرات التي تعاني منها تركيا.

ويؤكّد أولوطاش أن تركيا تحاول جاهدةً للتعاون مع شركاء يزيدون من قوتها للقضاء على الإرهاب الذي لا يفرق بين الدول، ولكن الاتحاد الأوروبي لأسباب غامضة لا يُبدي الجدية اللازمة للاتحاد الأوروبي، مضيفًا أن الطرفين اتجها لزيادة حجم التدابير الوقائية الداخلية، ولكن إن لم يتجه الاتحاد الأوروبي للاتحاد مع تركيا بشكل جاد في العديد من القضايا، فإن الإرهاب سيستمر في إرهابه ولن يتم القضاء عليه بشكل كامل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!