محمد حامد - خاص ترك برس

وصف محرر الشؤون العربية في صحيفة يديعوت أحرونوت الدكتور يارون فريدمان سيطرة جيش النظام السوري على مدينة تدمر بأنه انتصار موهوم لن يثبت الأسد في حكم سوريا مثلما كان الحال قبل الثورة، لأن مصيره ومصير سوريا تقرره طهران وموسكو.

وقال فريدمان صحيح أن الأسد سجل انتصارات كبيرة في الأيام الأخيرة ضد داعش بموازاة تقدم قواته في حلب، لكن النظام السوري يشبه شخصا معاقا فقد جميع أعضائه، فالقلب ينتمي للنظام العلوي، لكن العقل واليد اليمنى ينتميان لروسيا، واليد اليسرى تنتمي لإيران وحزب الله، ولذلك فإن مثل هذا النظام ليس له مستقبل في بلاد يمثل السنة 80% من سكانها.

وأشار فريدمان في مقال له بعنوان "دمية في يد روسيا وهم انتصار الأسد في تدمر" إلى أنه لا يوجد منطق وراء عقد مباحثات فيينا 3 بعد فشل فيينا 1، 2 لأن مواقف المعارضة تبدأ باستقالة الأسد، بينما لا توجد لدى الأخير أي نية للاستقالة أو مشاركة المعارضة في الحكم، كما أنه لا يوجد توافق بين النظام المعارضة حول الحكومة الانتقالية.

وأضاف أن التفسير الظاهر للقرار الروسي بدعم وقف إطلاق النار ومباحثات فيينا غير منطقي، لأنه من غير الممكن أن يقبل الروس بمشاركة جماعات المعارضة في السلطة، كما أنه من غير المنطقي أن يذهب الروس في اتجاه انتخابات ديمقراطية مادام النظام الوحيد الذي يمكن أن يضمن المصالح الروسية في البحر المتوسط هو نظام الأسد.

وبحسب فريدمان فإن الخطة الروسية في القضاء على المعارضة المسلحة تدريجيا لا تزال سرية، وبعد أن كانت الخطة الأصلية القضاء على المعارضة المعتدلة ثم الجهاديين، انقلب التكتيك الآن بفضل وقف إطلاق النار ليصبح داعش والنصرة أولا، وبعد الفشل المنتظر لمباحثات فيينا وانهيار وقف إطلاق النار يأتي دور المعارضة المعتدلة.

وقال فريدمان إن الأمريكيين والسعوديين سقطوا في الفخ الروسي، فالإنجاز الوحيد لوقف إطلاق النار الحالي بالنسبة لروسيا كان تحييد المعارضة السنية المعتدلة في الوقت الذي استطاع فيه جيش الأسد بدعم الغارات الروسية من توجيه كل قدراته ضد جبهة النصرة في حلب وضد داعش في تدمر. ولكي يقنع الروس المعارضة بجدية وقف إطلاق النار، امتنعوا عى قصف مواقع المعارضة، وأعلنوا سحب جزء من قواتهم.

ولفت إلى أن تزامن إعلان الأكراد عن إقامة فيدرالية لهم شمال سوريا مع إعلان الانسحاب الروسي ليس عفويا، لأن كردستان السورية هي بالفعل منطقة فاصلة بين تركيا وسوريا تمنع دخول المتطوعين إلى داعش والنصرة. ولا توجد مشكلة لدى الروس مع الأكراد لأنهم لا يهددون نظام الأسد. ومن هنا جاء تضارب المصالح بين الأسد والروس، لكن لن يكون أمام الأسد خيار سوى الموافقةعلى فقد شمال سوريا.

لكن المشكلة الرئيسة للخطة السورية كما يقول فريدمان هو أنه لا يوجد لها أفق على المدى البعيد، وحتى لو نجح التكتيك الروسي وأعاد الأسد السيطرة على معظم الأراضي السورية، فإن الشعب لن يعترف بمن سفك كثيرا من دماء السوريين لكي يبقى في الحكم.

وتابع إن ديماغوجية المقاومة التي رفع النظام في دمشق رايتها لكي يحصل على شرعية لنظامه الاستبدادي الفاسد قد أفلست منذ زمن بعيد. فالجيش السوري لم يحرر الجولان ولا فلسطين مثلما تعهد لعشرات السنين، ولكنه ذبح الشعب السوري. فقد الأسد شرعيته لا في داخل سوريا فحسب بل في العالم العربي والغرب، وصار مجرم حرب لا يقل عن قادة داعش.

وخلص فريدمان إلى أن احتلال تدمر أحيا بالتأكيد الأمل لدى الأسد من استعادة السيطرة، وعودة نظامه القمعي الوحشي مثلما كان الحال قبل 2011. ولكن على النقيض من الوضع قبل الثورة فإن قرارمصير الأسد ومصير بلاده لم يعد يصدر من دمشق بل من طهران وموسكو.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!