مولاي علي الأمغاري - خاص ترك برس

يتزعم حزب الشعب الجمهوري التركي حملة تشويه ضد حزب العدالة والتنمية منذ سنوات، وليس زعيم الحزب كمال كليجدار أوغلو هو مبدع هذه الهجمة، ولكن سلفه المستقيل إثر الفضيحة الجنسية التي زلزلت المشهد السياسي ببلاد الأناضول سنة 2010 «دنيز بايكال» الغريم السياسي اللدود لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان آنذاك.

وطبعا اتهم «دنيز بايكال» رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بتدبير هذه«المؤامرة» لكن كثيرا من المحللين السياسيين الأتراك وغيرهم يرون أن ب"ايكال" تمت الإطاحة به من قبل رفقائه من حزبه لأهداف سياسية، واتهم  حينها زعيم الحزب الشعب الحالي «كمال كليجدار» بتدبير هذه المؤامرة للوصول لزعامة حزب الشعب الديمقراطي بعد اليقين أن يستحيل إزاحة «دنيز بايكال» من منصبه بالانتخاب لتاريخه السياسي ونفوذه القوي وحنكته السياسية.

كمال كليجدار أوغلو وبعد يقينه التام أن لن يستطيع كذلك أن يزيح حزب العدالة والتنمية وقادته من الحكم بالطرق الديمقراطية والتنافس السياسي الشريف، وبعد الفشل الذريع في الامتحان الانتخابي "فاتح تشرين الثاني/ نوفمبر 2015"، وغياب أي استحقاق انتخابي لأربع سنوات المقبلة بتركيا، اختار زعيم حزب الشعب الجمهوري طرق أخرى لتشويه سمعة رئيس التركي أردوغان وحزبه حيث اختراق الأكاذيب في كل فرصة تتاح له لتشويه سمعة الرئيس أردوغان وحزبه وأتباعه، كما أخل في  كثير من المرات بالآداب العامة وطعن في وزراء العدالة والتنمية ونوابهم في البرلمان، ولم يتأخر في التعاون مع أعداء تركيا من أجل إقصاء العدالة والتنمية من المشهد السياسي التركي، خصوصا فترة ما بين انتخابات 7 حزيران/ يونيو وفاتح تشرين الثاني 2015.

بعد الكلمات الشهيرة لأردوغان حول رقص أوروبا فوق حقل الألغام في خطاب تليفزيوني والذي قال فيه لأوروبا: "أنتم تربون الثعابين في صدوركم وهذه الثعابين ممكن أن تلدغكم في أي لحظة، وربما ما حدث في تركيا من انفجارات لا تعنيكم في شيء ولكن عندما يفجرون في بلادكم ستفهمون بماذا نشعر، ولكن ستفهمون بعد فوات الأوان… لا شيء يمنع من أن تنفجر القنبلة التي انفجرت في أنقرة يومًا ما في بروكسل او أي مدينة أوربية أخرى".

مباشرة بعد تعرض بروكسل للهجمات الإرهابية الأخيرة، سارع زعيم حزب الشعب الجمهوري باتهام أردوغان وحكومة العدالة والتنمية بأنه وراء التفجير، وأنه مستمر في دعم المنظمات الإرهابية وخصوصا داعش قال: "لقد كان بلاء حزب العمال الكردستاني موجودا منذ زمن طويل، لكن المسؤولين الأتراك جاؤوا ببلاء داعش أيضا… لقد انقلبت كل التوازنات في الشرق الأوسط رأسًا على عقب وتحولت تركيا إلى بركة دم، حصلت تفجيرات في باريس وبروكسل، كل الأعمال الإرهابية خلفها مسؤول واحد: حكومة حزب العدالة والتنمية، لقد أرسلوا الأسلحة بشاحنات النقل الخارجي إلى سوريا وضربوا الأخ بأخيه، وأحالوا سوريا إلى بركة دم، يوجد مقاتلون في داعش من سبعين محافظة تركية والحكومة تتفرج".

هذا السلوك الغريب وغير الوطني من حزب الشعب الجمهوري وزعيمه، ليس الوحيد الذي يتهم فيه ساسة من المعارضة التركية وخصوصا حزب الشعب، حكومتهم التركية بتورط في مساندة الإرهاب أو الضلوع المباشر في تفجيرات إرهابية سواء كانت داخل تركيا وخارجها.

بل وصل الأمر بأحد نواب حزب مؤسس الجمهورية وهو "اران اردم" أن قال: "أنه سيقف بجانب إيران إذا شنت تركيا حربا ضد إيران".

مما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يرد عليه بقوله: "إن البعض مازال مصرا على ارتكاب الأخطاء بحق بلده وشعبه في سبيل الحصول على بعض المصالح السياسية الضيقة... أليست هذه خيانة للوطن أن يتهم هذا الخائن دولته و يخاطب الناس قائلا إنني سأتعاون مع أعداء تركيا، كيف لرئيس هذا الحزب أن يصمت ويسكت عن هذا الكلام، كيف يمكننا تبرير خدمة القوى الأجنبية ضد الوطن" الموقع الرسمي للرئيس أردوغان.

والحقيقة أن حزب الشعب الجمهوري وعدة قوى غربية وبعض الأصوات العربية النشاز، يحاولون جاهدا الربط بين المنظمات الإرهابية وخصوصا "تنظيم داعش" والحكومة التركية، من أجل الضغط على تركيا لتقديم تنازلات في عدة ملفات داخلية وخارجية، تحت شعار "تركيا والمنظمات الإرهابية شريك وأجير".

لكن الواقع يبين أن تركيا أول المتضررين من الإرهاب سواء كان من حزب العمال الكردستاني وفروعه، أومن التنظيمات اليسارية الراديكالية أو الإسلامية المتطرفة، والهجمات الإرهابية التي عرفتها تركيا في السنوات الأخيرة توضح ذلك.

تركيا بلد يعني من الإرهاب منذ اكثر من ثلاثين سنة، وسلوك الساسة الأتراك وتصريحاتهم ترفض الإرهاب بجميع أنواعه،مهما كانت دوافعه وأسبابه، في المقابل كان الغرب غير مبالي بالأمر، مدام الإرهاب بعيدا عن دياره، وإعلامه المتنوع يورد ما يحدث في تركيا من أحداث إرهابية كخبر معتاد!

ورغم أن تركيا كان تحذر مرارا وتكرارا من خطورة الإرهاب، ودعت أوروبا للتكاتف معها لمواجهة هذا الخطر، إلا أن أنانية الغرب والإسلامفوبيا لم تجعله يسمع لتحذير الأتراك ودعواتهم المفتوحة لإطفاء لهيب هذه النيران المشتعلة والتي إذا توسعت فلن ترك غربا ولا شرقا إلا أبادته.

لقد وجد أردوغان والساسة الأتراك في القمة 13 لمنظمة التعاون الإسلامي فرصة تاريخية لجعلها قمة تاريخية ضد الإرهاب والطائفية والدعوة لحل قضايا العالم الإسلامي داخليا دون اللجوء إلى أطراف خارجية، وتفعيل التحالف الإسلامي ضد الإرهاب.

كما دعا أردوغان لإنشاء مركز عالمي إسلامي لمكافحة الإرهاب، والبحث عن من يدعم هذه المنظمات الإرهابية، والتي يُعد المسلمون أول ضحاياها، فأردوغان يعلم أن الإرهاب سلاح من أسلحة القوى الغربية للسيطرة على العالم الإسلامي ونهب خيراته وتنفيذ أجندتها ومشاريعها بالمنطقة، لذا دعا لسحب هذا السلاح من يد هذه القوى التي تتلاعب بمفهوم الإرهاب وتدعمه وتغطي عنه، ما دام يحقق مصالحها الكبرى.

تهمة أن تركيا وقادتها من الداعمين للإرهاب والإرهابيين، تهمة باطلة ومحاولة فاشلة لإضعاف تركيا وعرقلة مسيرتها وتحقيق مشاريعها الكبرى، والتي يرى النور كل يوم مشروع عملاق منها.

قال "أحمد داود أوغلو" في خطاب ألقاه أمام حشد من مناصريه في ولاية دوزجة: "إن بلادنا ستستمر في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة تركيا، إلى أن يتم تطهير كل شبر من بقاع تركيا منهم".

وانتقد "أحمد داود أوغلو" الشركاء والأجراء الحقيقين للإرهاب والمنظمات الإرهاب في إشارة لكل من حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري فقال: "منذ أن دخلوا إلى البرلمان التركي، بدؤوا بتسخير كل إمكاناتهم لخدمة المنظمة الإرهابية، وقامت بلدياتهم بتسخير ألياتها لحفر الخنادق وإنشاء الحواجز لعناصر المنظمة، والأن بدؤوا بالاعتراف فيما بينهم بالأخطاء التي ارتكبوها... وهدف حزب الشعب الجمهوري، عرقلة كل خطوة من شأنها تطوير تركيا وإعادتها إلى عهود الظلام، لأنهم معتادون على إدارة البلاد عن طريق الانقلابات العسكرية، فالعقلية التي يتبناها أعضاء هذا الحزب، هي عقلية الانقلابات والضربات العسكرية".

أثبتت تركيا في كثير من المناسبات، أنها العدو الأول للإرهاب بكل أنواعه، وللإرهابيين بمختلف أيديولوجياتهم، وأن من الغرب والمعارضة التركية وغيرهم، إذا لم يكن منهم شريك للإرهاب فهو أجير خائن لوطنه.

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس