ترك برس

تجري عملية التغّير في السياسة الخارجية التركية الحالية تدريجًيا وببطٍء منذ عام 2012 وحتى الآن. فمع تعقّد مشاكل تركيا الاقليمية وتزايد تحدياتها الداخلية في السنوات الأخيرة، قدم حزب العدالة والتنمية مراجعات أكاديمية وسياسية لسياسته الخارجية التي اتسمت بالاستمرارية وثبات التوجهات منذ وصوله للحكم عام 2002.

ويكمن التغيّر الأساسي في سعي تركيا للعمل بفاعلية ضمن التحالفات الغربية وبالتنسيق معها في جوارها المباشر والإبتعاد عن العمل وحدها، بعد أن كانت تسعى لاستقلالية دورها الاقليمي وتحديد أجندة المنطقة. كما يكمن التغّير في سعيها لإحياء الدور الإقليمي باتجاه تدخلي أمني وعسكري، ومحاولة إظهار القوة وقدرات الردع، بتنسيق مع الحلفاء أيضا.

ويرى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في تقرير له بعنوان "مسألة التغيرات في السياسة الخارجية التركية: المراجعات والاتجاهات"، أن تبلور النهج الجديد يرتكز على مساهمات نظرية سياسية قُدمت منذ بداية تداعي ثورات "الربيع العربي" وتنامي انعكاساتها السلبية على تركيا، مشيرًا أن المراجعة الأولى في عام 2012 بحثت الحاجة إلى تدخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" لمصلحة التغيير في الشرق الأوسط، وبخاصة بعد تفاقم الأزمة السورية، وأظهرت الدور المهم الذي يمكن أن تقوم به تركيا عبر الحلف بوصفها عضًوا فاعلا وركنا أساسًيا فيه.

ويضيف التقرير الذي أعده الباحث عماد يوسف قدورة، أنه "في عام 2013 ناقشت المراجعة الثانية نهج "الدبلوماسية الإنسانية" التي تعطي أولوية للعمل الإنساني من جهة، وتركز على توسيع نشاط تركيا دوليا بعد تفاقم مشاكلها وتوتر علاقاتها مع مزيد من دول المنطقة من جهة أخرى. وأكدت الثالثة في عام 2014 على الحاجة إلى"استعادة تركيا"عبر تعزيز الديمقراطية، والاقتصاد، والدبلوماسية النشطة مجددا في المنطقة ولكن عبر التحالف الدولية.

ومع أنّ نتائج الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني / نوفمبر 2015 أعطت زخما جديدا لحزب العدالة والتنمية ودعما سياسيا ومعنويا لسياساته الخارجية التي واجهت انتقادات داخلية وخارجية كثيرة في الفترة الماضية، فإنه أكد بعد فوزه على خيار "السياسات التوافقية" والتهدئة داخليا، لتمكينه من أداء دور إقليمي يركز على "توافق" حلفاء تركيا على أهداف مشتركة وقيادة عمل جماعي دولي ضد التهديدات الجديدة، وهو ما يتسق مع مراجعاته السابقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!