جلال سلمي - خاص ترك برس

سياسة "انتظر ومن ثم قيم" التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة، وقضية "إعادة غولن"، محوران أساسيان يضعان العلاقات التركية الأمريكية على المحك في الفترة الحالية.

دخلت العلاقات التركية الأمريكية فصلًا جديدًا مع اتضاح أن من يقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت بتاريخ 15 تموز/ يوليو، هو فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.

طفا التعقيد على العلاقات التركية الأمريكية، بطلب تركيا من الولايات المتحدة الأمريكية إعادة غولن ليتم محاسبته على ما أقدم عليه من جرائم، الأمر الذي أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية المماطلة فيه، مطالبةً تركيا بتقديم دلائل قاطعة على تورط غولن في تلك المحاولة.

وفي سياق متصل، توقع الخبير السياسي التركي "قادر أوستون" بأن رفض الولايات المتحدة الأمريكية تسليم غولن الذي تزعم منظمة استغلت مناصب الدولة ومؤسساتها لإحراز بعض الأهداف المغتالة للعملية الديمقراطية والمدمرة للإرادة الشعبية، سيعرض العلاقات التركية الأمريكية إلى احتمالية الانفجار الشديد الذي سيولد شظايا شديدة السلبية على العلاقات التاريخية الجامعة للطرفين.

وأوضح أوستون أن خلاف البلدين حول مسألة دعم الولايات المتحدة الأمريكية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي كان قد فتح أصلًا طريقًا لتدهور العلاقات بشكل ملحوظ قبيل محاولة الانقلاب، واليوم ومع إبداء الولايات المتحدة الأمريكية التعنت في قضية تسليم غولن لتركيا، ستزداد، على ما يبدو، شعلة الخلاف بين الطرفين استعارًا.

حقوقيًا، تستند تركيا إلى المادة الثالثة من اتفاقية الإعادة الموقعة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، هكذا يوضح أوستون الذي قدم تحليلًا لمسار العلاقات بين الطرفين في مقاله بصحيفة ستار "إعادة غولن ومحاولة انقلاب 15 تموز: فصل جديد معقد في العلاقات التركية الأمريكية"، مشيرًا إلى أن الاتفاقية تقضي بأن تقوم الدول على تسليم الشخصيات التي تضلع في تنفيذ أحداث خطيرة مثل اغتيال قادة إحدى الدولتين، ولا يحق لأحد الدولتين أن ترفض تسليم الشخص المطلوب.

ويبيّن أوستون أنه في حال أخذ الطرف الأمريكي للملفات التي قدمتها تركيا وتُثبت تورط غولن في محاولة اغتيال الرئيس التركي أردوغان بعين الاعتبار، فإنه يمكن تسليمه بناءً على تلك الاتفاقية ولا توجد أي صعوبة في الأسس الحقوقية الخاصة بالعملية، أما على الصعيد الآخر، فيفيد أوستون بأن رفض الولايات المتحدة الأمريكية لطلب تركيا، سيدفع تركيا لتعليق العمل بالاتفاق، وهذا يعني ضربة مؤلمة للتعاون المشترك بين الطرفين فيما يتعلق بقضية مكافحة الإرهاب.

ويردف أوستون موضحًا أن للقضية أبعادًا سياسيةً أوسع من الأبعاد الحقوقية، حيث أكّد كيري منذ البداية أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الأمن والاستقرار والسلم في تركيا، وتقف إلى جانب الحكومة الديمقراطية المنتخبة من قبل الشعب، ليمتص بذلك أي ردة فعل سلبية لتركيا ضد الولايات المتحدة.

وبالنسبة لأوستون، فإن إعادة أوباما لنفس تصريحات كيري، تؤكد على وعي الولايات المتحدة بأهمية علاقاتها مع تركيا، ورغبتها في الحفاظ على علاقات جيدة معها، ولكن على صعيد آخر، هذا لا يؤكد رغبة الولايات المتحدة الأمريكية بإمكانية تسليم غولن لتركيا بسهولة.

وعن نتائج تدهور العلاقات التركية الأمريكية في حال رفض الولايات المتحدة تسليم غولن، يشير أوستون إلى أن:

ـ حرب الولايات المتحدة ضد داعش ستتأثر سلبًا كنتيجة حتمية اتجاه تركيا لإغلاق قاعدة إنجيرليك في وجهها.

ـ تعرض مسألة موقع ودور الجيش التركي داخل الناتو لحملة انتقادات شعبية وإعلامية ضخمة تُجبر الحكومة التركية على مناقشة الأمر، وخيار تخفيف عدد الجنود الأتراك داخل الحلف.

ـ تعمق الخلاف في القضايا الإقليمية، لا سيما سوريا، وهذا يعني تقديم الولايات المتحدة المزيد من الدعم لحزب الاتحاد الديمقراطي.

ـ ازدياد وتيرة التهديد الإرهابي لكلا الدولتين، لقاء تخفيف وتيرة التعاون المشترك فيما بينهم.

وينتقد الموقف التركي الرسمي، بشكل واضح أحيانًا وضمني أحيانًا أخرى، الموقف الأمريكي السلبي حيال محاول الانقلاب الفاشلة، إذ يؤكّد المسؤولون الأتراك في تصريحاتهم أنهم كانوا يأملون بدعم أكبر وأوسع من الدول الغربية، بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، للعملية الديمقراطية في تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!