ترك برس

دعا الباحث السياسي "عاكف إيمره" الحكومة التركية إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع أفريقيا بدافع ديني، وذلك في مقاله بصحيفة يني شفق "موجز أفريقيا" الذي دوّن فيه انطباعه عن رحلة عودته من جدة إلى إسطنبول.

يشير إمره إلى أن طائرته القادمة من جدة إلى إسطنبول كانت مليئة بالحجاج القادمين من أفريقيا، اكتشف فيما بعد أن غالبيتهم يستخدم إسطنبول كجسر للتنقل من أفريقيا إلى مناطق أخرى، ما أكسبه شعورًا بضرورة تعجيل عملية إنشاء المطار الثالث لجذب أعداد أكبر من المسافرين الذي يستخدمون أصلًا إسطنبول جسرًا لتحركاتهم الجوية.

ويقول الباحث إن النظر إلى سماحة وجوه الأفريقيين إلى جانب التأمل بسلوكياتهم المهذبة بالإضافة إلى التفكر بتواضعهم يكسر لدى الإنسان أسطورة الغرب الركيكة التي تصف الأفريقي بالوحشية والبعد عن الحضارة والعيش في العصر الحجري، مضيفًا أن الغرب الذي نهب أفريقيا لسنوات طويلة بذريعة أنهم "جهلاء" لا يقدرون على الاستفادة من ثرواتهم، لا يمت للحضارة الإنسانية الحقيقية بصلة، فتشويه سمعة سكان قارة بأكملها ليس من حق أي إنسان مهما كان.

وأشار إيمره إلى أن الغرب سوّق منذ القدم لحضارته المبنية على القوة العسكرية والتطور التكنولوجي، ولا أحد ينكر أن هذه الحضارة بنيت على أساس عرقي يرفع العرق الأوروبي الأبيض على جميع الأعراق الأخرى.

ساوى الإسلام بين جميع الأعراق ولم يجعل سوى التقوى فرقًا أساسيًا بين الناس، يوضح إمره أن الحج خير وسيلة لإثبات ذلك، ويقول: "نحن من شعرنا بالدونية عن الغرب فأذللنا أنفسنا بعد أن أعزنا الله بخير المبادئ والمثل".

وبحسب إيمره، فإن شعور السعادة الذي رواده أثناء رحلته من جدة إلى إسطنبول مع 400 حاج أفريقي، لا يوصف ولا يمكن الشعور به في أي مناسبة أخرى، فاستبطان الإنسانية الخالصة موقف لا يتكرر في عالم البراغماتية الحادة الذي نعيش فيه.

ويرى إمره أن السمات الحضارية لثياب الأفريقيين المتنوعة تكفي وحدها لتكون دليل دامغًا على ثراء الحضارة الأفريقية التي ظُلمت وما زالت تُظلم لليوم من قبل مجتمع يتشدق بحقوق الإنسان والحريات ليل نهار، مؤكدًا أن الركاب الأفريقيين عكسوا احترامهم لشعائر الله من خلال ارتداء أفضل وأجمل الثياب حتى في رحلة عودتهم من الديار المقدسة، مبينًا أن الإنسانية والمعالم الحضارية والأخلاق التي يتمتع بها سكان أفريقيا إضافة إلى الدين الذي يعتنقونه، تخاطب تركيا بشكل مباشر قائلةً: "طال الانتظار إلى متى سيبقى استثمارك المجدي لنا بعيدًا عنا؟".

في الحقيقة إن كانت ترى تركيا أن من الصعب الدخول لوحدها في الاستثمار المباشر في أفريقيا، يمكن لها التعاون مع الدول الإسلامية الأخرى التي ترغب بذلك، وعلى رأسها إيران. فالدول الإسلامية تحظى بقبول واسع لدى الدول الأفريقية المسلمة وغير المسلمة، ويعزو خبراء ذلك إلى اقتناع الدول الأفريقية بأن الدول المسلمة لا تأتي للنهب بل للاستثمار المتبادل، ومن الأمثلة على ذلك الاستثمارات الماليزية في أفريقيا التي وصلت في عام 2015 إلى حوالي 50 مليار دولار، وبذلك تعد ماليزية الدولة الثالثة بعد فرنسا والصين من حيث النفوذ الاستثماري في أفريقيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!