مصطفى سونميز - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

أعلن المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية (IFSWF) في الثالث والعشرين من أيار/ مايو الموافقة على طلب عضوية صندوق الثروة السيادية في تركيا، الذي أنشئ على عجل في العام الماضي للتعامل مع المشاكل الاقتصادية المتزايدة. ويضم المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية وهو شبكة عالمية من صناديق الثروة السيادية، أعضاء من أكثر من 30 بلدا يمثلون أكثر من 3 تريليون دولار من الأصول العالمية الخاضعة لإدارة المنتدى.

ما يزال صندوق الثروة السيادي التركي الذي يدير أصولا تبلغ قيمتها نحو 40 بليون دولار، في مرحلته الأولى، في محاولة للنمو من خلال صناديق مشتركة مع بلدان أخرى. وقد تأسس أول صندوق من هذا القبيل مع روسيا، ثم وقع بروتوكول مع قطر لإنشاء صندوق استثماري مشترك. وبعد التوقيع على الاتفاق مع قطر ترددت أنباء عن بيع شركة تشايكور التركية العملاقة لإنتاج الشاي والمملوكة للدولة إلى مستثمرين قطريين. لكن مسؤولين رسميين نفوا هذه الأنباء  ومع ذلك، فإن ما يجري فعليا هو بيع الشركة إلى الصندوق التركي القطري كجزء من التحركات المحتملة الأخرى لتوسيع المشروع المشترك.

وقد برزت قطر في الآونة الأخيرة بوصفها واحدة من أهم الدول لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا. وبعد زيارته إلى قطر في فبراير/ شباط ، لخص الرئيس، رجب طيب أردوغان، رؤية  أنقرة للقيمة الاقتصادية للعلاقات الثنائية. وأكد أردوغان أن الاستثمارات القطرية في تركيا بلغت 1.2 مليار دولار، وقال: "نحن نعمل على زيادة هذه الاستثمارات. اتخذ القطريون خطوة  مهمة لشراء شركة  ديجيتيورك  (Digitürk).  وكما تعلمون استحوذت قطر أيضا على 50٪ من أسهم شركة BMC التركية لصناعة العربات المدرعة. خلال اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا بين تركيا وقطر في طرابزون، اصطحبت الأمير القطري في جولة بطائرة مروحية. كان موسم الثلج، وعندما أشرت إلى الجبال، سأل عما إذا كان هناك أي جهد جار للسياحة الشتوية في المنطقة. واقترحت أن نتمكن من إجراء بعض الاستثمارات المشتركة هناك. ولدى القطريين بنكان في تركيا [Finansbank و A Bank]. وبالإضافة إلى ذلك، سننفذ في عام 2017 مشاريع للصناعة الدفاعية بقيمة 2 مليار دولار".

ووفقا لبيانات وزارة الاقتصاد، تبلغ قيمة الاستثمارات القطرية في تركيا حوالي 1.5 مليار دولار. وهو مبلغ ضئيل بالنظر إلى أن استثمارات قطر المباشرة في الخارج تبلغ 53 مليار دولار، في حين تبلغ قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في قطر 36 مليار دولار.

على أن البيانات تشير إلى أن الاستثمارات القطرية في تركيا آخذة في الارتفاع منذ عام 2013. ومن إجمالي 1.5 مليار دولار من الاستثمارات القطرية فإن  1.2 مليار دولار تدفقت على تركيا في السنوات الأربع الماضية. وتشمل الاستثمارات القطرية الرئيسية  شركة BANVIT  للحوم الدواجن، وحصة 50٪ في  شركة BMC لصناعة العربات المدرعة، وبنك Finansbank، وA Bank، وشبكة التلفزيون المدفوع ديجيتيورك، والاستثمارات في القطاع العقاري. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا يبلغ 141 مليار دولار، فإن الحصة القطرية ما تزال ضئيلة من هذه الناحية.

إن هدف حزب العدالة والتنمية الحاكم على المدى القصير هو جذب المزيد من الاستثمارات المباشرة من قطر، ولكن أيضا زيادة حصة تركيا في مشاريع البنية التحتية الكبرى التي أطلقتها الإمارة استعدادا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2022.

وفيما يتعلق بمشاركة تركيا حتى الآن في مشاريع البنية التحتية، فقد استعرضها نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، في نوفمبر/ تشرين الثاني، حين قال: "إن المقاولين الأتراك  نفذوا مشاريع بقيمة 13.7 مليار دولار في قطر. قطر تساند تركيا ليس بالكلام فحسب، وإنما بالعمل أيضا، وبتشجيع الشركات التركية للعمل في قطر"، مؤكدا أن قطر تقع في المرتبة السابعة بين البلدان التي تتولى فيها تركيا أكبر عدد من المشاريع. وأضاف: "لقد تحولت الروابط القوية والعلاقات بيننا إلى تعاون قوي. مشاريع الطرق البرية هي أعلى المشاريع التي تحققت في قطر. ويشارك المقاولون الأتراك أيضا في مشاريع المترو والمطارات والموانئ البحرية. لقد حققت شركاتنا نجاحا ملحوظا في مشاريع مترو الدوحة ومطار الدوحة. وأود أيضا أن أؤكد أننا على استعداد لتقديم أي مساهمة لأصدقائنا القطريين في تنظيم كأس العالم 2022".

وبفضل ميزانية استثمارية تبلغ 170 مليار دولار لكأس العالم، تعد قطر وجهة تجارية مربحة للشركات التركية التي شاركت بقوة في معرض إكسبو تركيا الذي عقد في الدوحة  في أبريل / نيسان. ووفقا لرجل الأعمال التركي هاكان كورت الذي نظم هذا المعرض، فقد أنجزت الشركات التركية عقود تبلغ قيمتها نحو 13 مليار دولار في الإمارة، وما تزال تدرس مشروعات بقيمة  7.5 مليار دولار. وقال كورت: "نتوقع أن تصل المشاريع التي تنفذها الشركات التركية في قطر إلى 15 مليار دولار إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2022". وأضاف أن "معرض إكسبو تركيا في قطر سيلعب دورا مهما  في تحقيق هذا الهدف".

ومما لا شك فيه أن ثروة قطر ومواردها من الطاقة تجعلها شريكا تجاريا جذابا لأي لاعب إقليمي أو عالمي وليس تركيا فقط. يبلغ دخل الفرد في هذه الإمارة الصغيرة التي يشكل الأجانب 83٪ من سكانها البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة، قرابة 75 ألف دولار، مما يضع القطريين على رأس أغنى دول العالم، ويفتح شهية رجال الأعمال للعمل هناك. وعلى الرغم من أن حجم الاقتصاد القطري يصل إلى  156 مليار دولار، أي ما يقرب من خمس الاقتصاد التركي، فإن الجميع يرغبون في بيع السلع إلى قطر، والحصول على حصة من إنفاقها، وإغراء رأس المال القطري بالاستثمار في بلدانهم. وتمثل موارد الطاقة في الإمارة -البالغة 25 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، ثالث أكبر احتياطي في العالم، بالإضافة إلى 25 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية - حافزا رئيسيا آخر لعلاقات وثيقة مع قطر في الوقت الحالي وفي المستقبل.

تواجه قطر الدولة الصغيرة الغنية في القرية العالمية مشكلة حماية ثرواتها وإمكاناتها، ولذلك فهناك بالطبع كثيرون ممن يعرضون خدمات الدفاع عن الإمارة، وتركيا واحدة من هؤلاء.

وقد حلل الكاتب في موقع "المونيتور" فهيم تشتكين أخيرا مؤخرا اتفاقيات التعاون العسكري التي توصلت إليها تركيا مع قطر، مستشهدا بتعليقات قناة "آفاز" التلفزيونية التركية التي تعكس أيضا الجانب الاقتصادي للصفقات. وفي اشارة الى الاتفاق  الذي ينص على نشر القوات التركية في قطر، قالت القناة: "إن هذا الاتفاق مهم ايضا لايجاد اسواق جديدة لصناعة الدفاع التركية. تنتهج تركيا وقطر مقاربتَين شبه متطابقتين للأزمات في الشرق الأوسط. فهما تتشاركان الموقف نفسه في دعم المعارضة السورية، وكذلك في ما يتعلق بالأزمات في العراق واليمن. هذا الاتفاق له أهمية أخرى لقطر، لأن الحكومة السنّية في الدوحة غير مرتاحة لذوبان الجليد بين الولايات المتحدة وإيران. لا ترى الحكومة القطرية في الجنود الأميركيين المتمركزين في البلاد رادعاً عسكريا كافيا، ومن هنا جاء قرارها معالجة هذا النقص عبر التعاون مع تركيا".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس