برهان الدين دوران - الصباح التركية - ترجمة وتحرير ترك برس

من الواضح أن خطة الولايات المتحدة مع مقاتلي وحدات حماية الشعب فشلت مرة أخرى في إيجاد حل للاشتباكات في المنطقة.

على الرغم من أن مسلحي داعش نفذوا هجمات كبيرة في مانشستر وكابول في الأسابيع الأخيرة، يفقد التنظيم سيطرته على سوريا والعراق. فبعد أن ادعى تأسيس الخلافة، لا بد من إزالته من الأراضي التي كان يسيطر عليها. ومع استمرار المعركة حول من سيحل محل داعش، تحاول الميليشيات بشكل يائس الاحتفاظ بالأرض.

كانت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأخيرة حول وحدات حماية الشعب التي عقدت اتفاقاً مع داعش مهمةً للغاية. حيث صرح دبلوماسي رفيع المستوى في موسكو لوسائل الإعلام بأن طائرات روسية استهدفت مقاتلي داعش الذين غادروا الرقة بإذن من وحدات حماية الشعب، وكانوا يحاولون الوصول إلى تدمر. ومن الواضح أن مسلحي وحدات حماية الشعب يحاولون تقليل تكاليف عملية الرقة. ويرغب تنظيم داعش بدوره في إرسال مقاتليه إلى حماة وحمص والجنوب. وفي الوقت نفسه، يتقدم نظام الأسد، الذي سيطر على سد الطبقة والتلال حول تدمر، باتجاه دير الزور. وأخيراً، يستهدف الروس مقاتلي داعش لمنعهم من التسبب في مشاكل لنظام الأسد في الجنوب.

ولا يزال الروس ونظام الأسد يسعون إلى الالتقاء بقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران على الحدود السورية العراقية. حيث أعلن كريم النوري المتحدث باسم الحشد الشعبي يوم الاثنين أن قوات الحشد وصلت إلى الحدود السورية، ومستعدة لمحاربة داعش إلى جانب النظام. وبما أن الولايات المتحدة استهدفت قافلة للنظام بالقرب من التنف لحماية الثوار على الحدود الأردنية، فإن الخيار الوحيد المتبقي هو المضي قدماً نحو دير الزور. وبعبارة أخرى، ترتفع التوترات بين الفاعلين الرئيسيين (أي روسيا وإيران والولايات المتحدة) ووكلائهم - بشار الأسد والحشد الشعبي ووحدات حماية الشعب.

من المهم التذكير بأن استراتيجية محاربة داعش تركز على تحرير الرقة والموصل وفصل سوريا عن العراق. فمع إحراز تقدم نحو هذا الهدف، يظهر كل طرف مصلحة في دير الزور. إذا تمكنت قوات بشار الأسد، التي تسيطر على مركز دير الزور، من الالتقاء بالحشد الشعبي على الحدود العراقية، فإن الإيرانيين سيشكلون بنجاح ممراً شيعياً يمتد عبر سوريا والعراق. ويجب أن يدق احتمال وجود ممر تسيطر عليه إيران أجراس الإنذار في واشنطن، التي تريد بشدة عزل إيران واحتوائها. وفي الوقت نفسه، فإن إيران التي تشكل ممراً عبر العراق وسوريا ولبنان ستزعج إسرائيل ودول الخليج بشكل جدي. وعلى هذا النحو، فإن المعركة على دير الزور أكبر بكثير من داعش. حيث تراقب جميع الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية السورية- بما في ذلك تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة- عن كثب الوضع في المنطقة.

وفي المستقبل، قد ترغب الولايات المتحدة في الاستعانة بخدمات وحدات حماية الشعب لمنع الإيرانيين من إنجاز ممرهم. ففي الأشهر الأخيرة، كانت هناك أيضاً حديث حول دعم واشنطن لحزب العمال الكردستاني؛ لتقويض طهران. وقد يكون مقتل جنديين إيرانيين في الأسبوع الماضي في اشتباكات بين حزب العمال الكردستاني وقوات الأمن الإيرانية قرب الحدود التركية دليلاً على أمور قادمة. إذا كانت آخر الخطوات في الواقع جزءً من السياسة الأميركية الأوسع في الشرق الأوسط، فإن حزب العمال الكردستاني وفروعه السورية والإيرانية، سينتهي بهم المطاف إلى القتال ضد إيران ونظام الأسد.

ومع ذلك، من غير المرجح أن توقف خطة واشنطن في استخدام حزب العمال الكردستاني ضد إيران وكلاء طهران في المنطقة، بما في ذلك نظام الأسد والحشد الشعبي. حيث كانت وحدات حماية الشعب قادرة على إنشاء ما يسمى الكانتونات في شمال سوريا بفضل الدعم غير المباشر لإيران والنظام. ففي الوقت الذي يواصل فيه حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب محاربة تركيا، من غير المرجح أن تشارك المجموعة في حملة جادة ضد طهران.

أخيراً، على الرغم من أن الأمريكيين يودون الاعتقاد أن تسليح ميليشيات وحدات حماية الشعب هو الحل لجميع مشاكلهم، الحقيقة هي أن المجموعة لا تستطيع التعامل مع عبء العمل. لذلك، خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الاستعانة بمصادر خارجية للحرب على داعش واحتواء إيران في ضرورة ماسة إلى التحديثات والمراجعات. وإلا فقد يُسجل في تاريخ الإدارة بأنها غير ناجحة.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس