زهراء معاذ - خاص ترك برس

استطاعت تركيا من خلال موقعها الجغرافي ودورها الإقليمي جمع العديد من الجنسياتِ والثقافات على أرضٍ واحدة، فكانت منبعَ حظٍّ للعديد من أولئك الذين وُلدوا فيها، وقد أمدَّتهم بلا شك بحظٍّ وافرٍ أوصلهم للعالمية.

وفي هذا الموضوع نستعرض لكم خمسةً من أبرز تلك الشخصيات تركية المولد.

1- إليا كازان

"كثيرون هم المحترفون، قليلون هم العباقرة". تلك المقولةُ هي الأنسبُ لوصفِ مشوار المخرج اليوناني المعروف إليا كازان، الذي وضعته التصنيفاتُ الرسمية ضمن أفضل 20 مخرجٍ مرّوا في تاريخ السينما العالمية.

وُلد إليا في إسطنبول سنة 1909 لأبٍ وأمٍّ يونانيين، وسُمّي بسبب مولده فيها بـ إليا كازانتس أوغلو. انتقلت العائلةُ بعد سنين إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليبدأ رحلته في عالم التمثيل ومن ثم الإخراج. أخرج العديد من الأفلام والمسرحيات، ووضع أسسًا وقواعد لعددٍ من أنواع الإخراج السينمائي التي أوجدَها بنفسه.

حصل إليا على عددٍ مُبهرٍ من الجوائز العالمية تجاوز الـ30، من ضمنها الأوسكار، والغولدن غلوب، وتوني أواردز. لم يتعامل إليا كثيرًا مع الفنانين المعروفين وإنما كان يفضل اختيار ممثلين جُدد لم تعرفهم الشاشةُ من قبل، وقد كان ينجحُ دائمًا باختياراته. فبفضله ترشّح 31 ممثل ممّن عملوا معه لنيل جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن الأعمال التي أخرجها لهم. حتى بات معروفًا بـ"صانع الممثلين" الذين كانوا يعاملونه دائمًا كالمستشار أو الناصح لهم.

لم تتوقف نجاحاته عند هذا الحدّ، بل قام بكتابة عدة رواياتٍ حققت أفضل مبيعاتٍ لدى نشرها مثل "America America" و"The Arrangement".

توفّي إليا سنة 2003، إلا أنه مشواره لا زال مستمرًّا حتى اليوم. ولا زالت المؤسساتُ الفنية والتعليمية تقدّم الجوائز لهذا المخرج العظيم حتى بعد وفاته، ولا زال المخرجون والممثلون يتعلمون ممّا قدَّمه إليا كازان للسينما والمسرح والتلفزيونات العالمية.

2- جانيت ماتيي

وُلدت الفلكية الأمريكية التركية جانيت ماتيي في بودروم سنة 1943 لعائلةٍ تركية، وتلقّت تعليمها في معهد الكلية الأمريكية في مدينة إزمير، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال تعليمها الجامعي بعد حصولها على منحةٍ تكفّلت بكافة الرسوم الدراسية في جامعة برانديز. وبعد تخرجها بدرجة البكالوريوس حصلت على وظيفةٍ على الفور بفضل تفوّقها في المرصد الفلكي ماريا ميشيل في ولاية مساتشوستس. كما عملت في مرصد ليندر ماكورميك في فيرجينيا، وحصلت على شهادة الماجستير في علم الفلك من جامعة فيرجينيا. عادت إلى إزمير سنة 1982 لتكمل رسالة الدكتوراه في علم الفلك في جامعة إيجه.

شغلت جانيت منصبَ رئيسة الجمعية الأمريكية لرصد التغيرات النجمية لـ 30 عامًا منذ 1973 وحتى وفاتها سنة 2004، وبالرغم من وجود العلماء والخبراء والفلكيين المخضرمين في الجمعية إلا أن جانيت استطاعت مجاراتهم من خلال الأبحاث التي كانت تعمل عليها باستمرار والإنجازات التي قدمتها للجمعية بشكلٍ خاص وللوسط الفلكي عامةً.

كانت جانيت دائمة الاهتمام بطلاب العلم وقد سُلمت تحت إشرافها العديدُ من رسائل الدكتوراه، كما أعانت الفلكيين غير المحترفين من أجل تحقيق حلمهم بالوصول لتلسكوب هابل الفضائي.

تلقّت جانيت عددًا من الجوائز مثل الميدالية المئوية من المجتمع الفلكي الفرنسي، وجائزة جورج فان بيسبورك، وجائزة المجتمع الفلكي الأمريكي، وجائزة الرابطة الفلكية، وجائزة جيوفاني باتيستا لاتشيني على تعاونها مع الفلكيين الهواة والصاعدين، وجائزة جاكسون غيلت من المجتمع الفلكي الملكي، كما تمّت تسمية كويكبٍ باسمها "Mattie" تكريمًا وتشريفًا لها.

3- مايك لازاريديس

وُلد رجلُ الأعمال والمستثمر الكندي اليوناني في إسطنبول سنة 1964 لوالدين يونانيين. انتقلت عائلته للعيش في كندا، وفي سن الـ 12 حصل مايك على جائزة من مكتبة ويندزور العامة لقراءته جميع الكتب العلمية الموجودة فيها. درس الهندسة الكهربائية في جامعة ووترلو وتخصص في علوم الكمبيوتر.

وفي عام 1984، وقبل شهرين بالتحديد من موعد تخرجّه الجامعي، تلقّى مايك طلبًا من شركة جينيرال موتورز GM من أجل العمل على تطوير شبكة التحكم في نظام العرض. كانت فرصةً عظيمةً بالنسبة لمايك دفعته للتخلّي عن الشهادة الجامعية والذهاب إلى الشركة من أجل توقيع عقدٍ معها.

شكّل مايك مع GM ثنائيًا رائعًا، حيث عمل فيها على الكثير من الاختراعات بمشاركة عددٍ من خبراء الكمبيوتر أمثال دوغلاس فريجان ومايك بارنسجين.

وفي عام 1999، أنشأ مايك شركة الموبايلات الشهيرة بلاك بيري، التي أصبحت معروفةً في كل أنحاء العالم بعد تطوير نظامها في الـ 2002. كما أسّس سنة 2000 معهد بريميتر للفيزياء النظرية في ووترلو في كندا، وقد كلّفه مبالغَ تجاوزت الـ 170 مليون دولار. كما أنفق بالتعاون مع زوجته أوفيليا حوالي 100 مليون دولار على معهد الإحصاءات الكمية IQC الذي قاما بتأسيسه في جامعة ووترلو سنة 2002.

وفي 2015، افتتح مايك معهد الإدارة التكنولوجي في كلية الأعمال في جامعة لورير، والتي سُمّيت لاحقًا بـ لازاريديس تكريمًا وتشريفًا لـ مايك لازاريديس. أنفقَ مايك على المعهد حوالي 20 مليون دولار.

مُنح مايك درجة الدكتوراه التشريفية سنة 1999 من جامعة ووترلو، وأصبح في عام 2003 المستشار الثامن لها. كما حصل على لقب (منشىء الأمة الكندية) من صحيفة ذا جلوب آند ميل. وفي الـ 2014 تم انتخابه كزميل الجمعية الملكية. كما حصل على عددٍ من جوائز أكاديمي أواردز و إيمي أواردز بفضلِ إنجازاته في مجال التكنولوجيا.

4- مظفّر شريف

وُلد عالم النفس التركي الأمريكي مظفّر شريف في ولاية آيدن في عهد الدولة العثمانية سنة 1906، لإحدى العائلات الثرية. حصل على درجة البكالوريوس من كلية إزمير الأمريكية سنة 1926، وبعدها بعامين نال درجة الماجستير من جامعة إسطنبول لينتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وينال درجة الماجستير من جامعة هارفارد. سنة 1935 حصل على درجة الدكتوراه من جامعة كولومبيا مع زميلة عالم النفس الشهير غاردنر مارفي.

يعد شريف مؤسس علم النفس الاجتماعي الحديث، وقد ابتكر العديد من الوسائل والتقنيات الفريدة لفهم العمليات الاجتماعية، وبشكلٍ أكثر تحديدًا: العادات والنزاعات الاجتماعية.

 وهو أول حاصلٍ على جائزة كولي ميد من جمعية علم النفس الأمريكية. كما شغل العديد من المناصب في كل من جامعة ييل، وجامعة أوكلاهوما، وجامعة ولاية بنسلفانيا.

قدم شريف مساهمات مهمة في النظرية النفسية الاجتماعية، ومنهجية الحقل والمختبر، وتطبيق البحوث على القضايا الاجتماعية. كتب أكثر من 60 مقالا و 24 كتابا. وقد أجريت معظم أبحاثه مع زوجته كارولين وود شريف.

مات شريف في ولاية ألاسكا الأمريكية سنة 1988. وبحسب ابنته سُوي، التي عاشت معه، كانت روحُ شريف تنعمُ بالحيوية والإيجابية حتى لحظاته الأخيرة.

5- تشيكي كاريو

وُلد الممثل والموسيقار الفرنسي تشيكي كاريو في مدينة إسطنبول سنة 1953 لأمٍّ يونانية وأبٍ من أصولٍ إسبانية. ومنذ طفولته انتقلت العائلةُ للعيش في باريس، حيث تمّت ترجمة اسمه الأصليّ "باروه ديجاكي" إلى الفرنسية ليصبح تشيكي.

درس الدراما في مسرح سيرانو وانضمّ بعدها إلى شركة دانيال سورانو حيث لعب عددًا من الأداور الكلاسيكية، لينضمَّ بعدها إلى المسرح الوطني في ستراسبورغ. شارك في العديد من الأفلام الفرنسية وتميزت أدواره بالطابع الغريب والفريد، إلى أن تمكن من أخذ أدوار بطولةٍ في أفلامٍ هامّة مثل ذا بير، و لوك بيسونز نيكيتا.

لمع نجمُ تشيكي في السينما الهوليوودية أيضًا، وغالبًا ما كانت تنحصر أداورُه في الشخصيات الفرنسية مثل ميل غيبسون في "ذا باتريوت" وجين دي دونيوس في "الرسالة: قصة جوان".

نال تشيكي جائزة سيزار كأكثر ممثلٍ واعد عن دوره في فيلم لا بالانس، بالإضافة لعددٍ من التكريمات التي حصل عليها عن دوره في مسلسل المفقود بجزئيه الأول سنة 2014 والثاني سنة 2016.

لم تنحصر موهبتُه في التمثيل فحسب، بل يعمل تشيكي أيضًا كموسيقار وكاتبٍ للاغاني، وقد قام بعمل عددٍ من الفيديوهات الغنائية الخاصة به مثل "وُلد على الجانب الخاطىء من المدينة" للمخرج جين موندينو.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!