أحمد عبد الرحمن - خاص ترك برس

يحفظ الأتراك مثلًا شعبيًا يقول: "عند العجلة في العمل يتدخل الشيطان" يقابله عند العرب المثل القائل: "في العجلة الندامة".

ويُروى أن أحداث قصة هذا المثل دارت في الشام، حيث كان يعيش سيد يملك خادمًا حسن الصوت.

اكتسب الخادم صيتًا واسعًا، لدرجة أن سيده كلما أرسله إلى السوق لغرض ما كان يتأخر في العودة إليه، فقد كان التجار مغرمين بصوته لدرجة أنهم كانوا يمسكون بيديه ورجليه راجين إياه أن يُغَنّي كي يطربهم.

في إحدى الأيام أرسل السيد عبده المطرب -إذا جاز التعبير- إلى السوق ليشتري له وعاءً، وفي طريقه إلى السوق التقى العبد قافلة سرعان ما تعرف أصحابها إليه، وطلبوا منه الذهاب معهم إلى مصر ليغني لهم في الطريق، وبالمقابل يقومون هم بتأمين احتياجاته كلها، لكن الخادم رفض الدعوة متعللا بأن لديه عملاً يقوم به، إلا أن أصحاب القافلة أجبروه على الذهاب معهم إلى مصر، وهناك بقي الخادم المطرب سنة كاملةً عاد بعدها الى الشام.

وفور وصوله تذكر وعاء سيده، ومسرعاً طار إلى السوق، وأخذ الوعاء وانطلق راكضا مستعجلاً الوصول إلى سيده، لكنه وفي الطريق إليه زلت قدمه ووقع الوعاء منه متحطما إلى أربعين قطعة، وهنا بكى العبد و قال متذمراً: "هذا ما يحدث عندما تستعجل، عند العجلة في العمل يطل الشيطان برأسه."

على ما في هذا المثل من معنى عام شأنه في ذلك شأن الأمثال الشعبية الأخرى فإننا يمكننا استنباط دلالات أخرى منه. ففي حكاية هذا المثل تتبدى لنا فكرة مهمة تتعلق بمكان وقوع الحكاية وهو الشام، فهو يدل على مدى ارتباط الإخوة الأتراك بـ"شام شريف" كما يحلو لهم التعبير عنها دلالةً على قدسيتها عندهم.

وهناك أمثلة تاريخية كثيرة تعكس هذا الترابط، فمثلا من المعروف أن أستاذ السلطان محمد الفاتح الشيخ الجليل محمد شمس الدين بن حمزة كان شامياً، وأن السلطان وحيد الدين آخر خلفاء المسلمين كانت وصيته أن يدفن في دمشق، وهو ما حصل فعلا وقبره الآن شاهد على مدى الارتباط الروحي للأتراك بالشام.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!