أوكاي غونينسين – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

في كل زمان ومكان يكون هناك ردة فعل على جعل الصحفيين والكتاب مستهدفين من قبل الدولة، وخصوصا إذا كان ذلك في الدولة التركية، لأننا عشنا مآسي وآلام عديدة في هذا الجانب خلال تاريخنا البعيد والقريب، لكن ما جرى أمس أمر مختلف تماما، وعلينا فهم ذلك.

لم تشهد سنوات حُكم حزب العدالة والتنمية التحقيق مع صحفيين بسبب ارتباطاتهم السياسية، أو بسبب إدمانهم على أفكار ومبادئ سياسية، فهذا ما تعودنا عليه طيلة الفترة الماضية، خلال سنوات حُكم الحزب، منذ نحو عشر سنوات.

قامت السلطات التركية يوم أمس  بإلقاء القبض على مديري صحيفة زمان، وعلى إداريي قناة "سامان يولو"، التابعتين لجماعة فتح الله غولن، فيما أصبح يُعرف بعملية الرابع عشر من كانون أول/ديسمبر، ، وذلك بسبب ما جرى من محاولة انقلاب فاشلة على الحكومة التركية.

لا يوجد معلومات رسمية حول هذه العملية، وهذا أدى إلى وجود عدة روايات حول حقيقة وطبيعة ما جرى بالضبط، لكن على الأغلب فإن سبب الاعتقال هو:"تأسيس منظمة مسلحة من أجل إسقاط الحكومة".

المقصود بالمنظمة هنا، جماعة فتح الله غولن، لأن صحيفة زمان، وقناة "سامان يولو"، هما المرآة الإعلامية لجماعة غولن، واللتان دعمتا رؤية الأخير، وكانتا الصرح الإعلامي للجماعة.

كانت الحكومة التركية حتى يوم أمس، تقوم بحملتها ضد جماعة غولن من خلال استجواب رجال أمن، متهمة إياهم بالعمل لصالح الجماعة، وبإجراء العديد من عمليات التنصت السرية على الدولة التركية، لكن عملية أمس، تجاوزت عمليات التنصت غير القانونية، لتصل إلى مرحلة المواجهة المباشرة مع فتح الله غولن.

إذا ما نظرنا إلى ردة فعل الجمهور على هذه العملية، فإننا نلاحظ التوافق التام والتضامن الكامل من القوميين مع جماعة فتح الله غولن، ومنسوبيها من الإعلاميين والصحفيين، مستخدمين مبدأ حساسية استجواب الصحفيين والتحقيق معهم.

لا شك أنّ هذا التطور الأخير، مرتبط بصورة مباشرة بما صرح به رئيس الجمهورية اردوغان خلال الأيام الماضية، حينما قال أن هناك علاقة وثيقة بين جماعة غولن، وبين أعمال التخريب التي جرت والتي لم يُعرف من قام بها حتى الآن، كما قال اردوغان، أنّ الشعب التركي سيعرف المزيد من تفاصيل تلك الأحداث على حقيقتها بوقت قريب.

نعم، في كل زمان، هناك ردة فعل على اعتقال واستجواب أشخاص يحملون هوية صحفية، لكن هذا العملية، ليست عملية ضد الصحفيين أو ضد الصحافة كما كان يجري في الماضي من الحكومات التركية التي سبقت العدالة والتنمية، وعلى الجميع أن يميّز بين هذا وذاك.

في المحصلة، هذه عملية جديدة تضاف إلى سلسلة الأحداث السابقة، وقد يكون لها تبعات وموجات فعل ورد فعل جديدة، لكن كل ما أتمناه، هو أن نعيش في دولة بدون "عمليات" وأحداث كهذه.

عن الكاتب

أوكاي غونينسين

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس