ترك برس

أنشئ جامع صلاح الدين الأيوبي الضخم على بقايا كنيسة العزيز يوحنّا التي بُنيت في عام 457 للميلاد من قبل البيزنطيين، وأشرف على بناء المسجد ودعمه صلاح الدين الأيوبي بنفسه. ويُعد جامع صلاح الدين التاريخي في مدينة شانلي أورفا جنوب شرق تركيا نموذجا للعمارة اﻷيوبية التي تتسم بالتقشف وعدم اﻹسراف في الزخرفة، بسبب الحروب الدائرة آنذاك مع الصليبيين.

تتسم عمارة الجامع بالقوة وإتقان التخطيط والدقة مع الفخامة الظاهرة والاعتماد على الحجر المنحوت بأبعاد كبيرة باعتباره مادة أساسية في الواجهات واﻷعمدة والتيجان.

ورجّح مؤرخون سر اهتمام الناصر صلاح الدين بمدينة شانلي أورفا إلى انشغاله بقتال الصليبيين وإدراكه أهمية بلاد الشام ومدنها وثغورها باعتبارها متاخمة للبيزنطيين، فسعى ﻹعمارها وإنعاش اقتصادها وبناء المساجد والمرافق العامة فيها. ومنها هذا المسجد، المسمى باسمه في أورفا، والذي أشرف بنفسه على ترميمه بعد أن كان كنيسة قديمة مشهورة، اشتراها من أهلها وحوّلها إلى المسجد الذي نراه حاليا.

وفي حديث لقناة الجزيرة، قال إمام المسجد عثمان يلماز: "صلاح الدين الأيوبي كردي اﻷصل، لكنه بنى مسجدا للكرد والعرب واﻷتراك ليصلوا تحت راية اﻹسلام".

يُصرّ بعض سكان المدينة من الشيوخ و كبار السن على تأدية الصلاة في مسجد صلاح الدين، على الرغم من كونه أقرب ﻷن يكون متحفا للعمارة ومكانا تاريخيا يقصده السياح والمهتمون بالتاريخ.

ويعود إصرارهم حسبما يقولون إلى "محبتهم للقائد صلاح الدين اﻷيوبي، ولما يمثله هذا المسجد من تلاحم بين مكونات النسيج الاجتماعي في المدينة من عرب وأكراد وترك اجتمعوا جميعا تحت راية اﻹسلام التي طغت على أي انتماء عرقي أو قومي".

ويقول أحد المصلين من كبار السن: "قليلون من يأتون للصلاة هنا، لكننا مصرون على الصلاة في هذا المسجد، نحن نحبه".

يعرف مسجد صلاح الدين اﻷيوبي بين أهالي الحي بـ"المسجد اليتيم"، فعلى الرغم من رفع اﻵذان فيه خمس مرات يوميا، فإنه لا مئذنة له ولا قُبّة، ويحتوي على منبر ومحراب وعلى أقواس وقناطير عتيقة، ليشكل بذلك تحفة معمارية تختلط فيها أساليب العمارة الكنسية واﻷيوبية، ليبقى المسجد حتى وقتنا الحاضر معلما يُذكّر أهالي شانلي أورفا بأن القائد التاريخي اﻷيوبي مر من هنا.

يعتبر كثير من أهالي مدينة شانلي أورفا، مسجد صلاح الدين اﻷيوبي مثالا للتعايش بين اﻷقوام في هذه المدينة ودليلا على سماحة اﻹسلام والمسلمين.

وتُعد مدينة شانلي أورفا التاريخية المدينة التاسعة في تركيا من حيث المساحة والتعداد السكاني، وتقع على الحدود التركية السورية جنوبي تركيا. وتبلغ مساحتها 19 ألفًا و451 كيلومتر مربع، وتوجد فيها عدة قوميات مثل القومية العربية،والكردية، والتركية، والشركسية، والفارسية.

وحسب العهد القديم، تعد أورفا مدينة ميلاد وحياة الأنبياء إبراهيم وأيوب، وهناك الكثير من المعالم التي تبين مكوث النبي إبراهيم فيها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!