ترك برس

تحت هذا العنوان نشرت مجلة نيو إيسترن أوتلوك تحليلا للمحلل السياسي سلمان رافي شيخ، رأى فيه أن وراء التقارب بين أنقرة وواشنطن أسبابا خاصة لا يمكن وصفها بأنها نتيجة لسياسة تركيا الخارجية المتنوعة، بل نتيجة لتفاهم  استراتيجي أوسع نطاقا يتطور بين الجانبين، حيث تستعد أنقرة لتعزيز أهميتها لدى الغرب من خلال قيادة مصالحه، في ظل غياب الولايات المتحدة وحلفائها عن جميع عمليات السلام في سوريا.

ويشير رافي شيخ إلى أن عنصر التفاهم بين أنقرة وواشنطن قد أكده سفير الولايات المتحدة في حلف الناتو ، كاي بيلي هاتشيسون، حين قال في الأسبوع الماضي، "إننا نعمل مع تركيا لنحاول أولاً أن نؤكد أننا لا نتعاون مع أي منظمة إرهابية، وثانياً أن نضمن لتركيا أنهم حلفاء لنا".

وهناك جانب من هذا "التفاهم المتبادل" يتمثل في المحادثات الجارية لبيع نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي باتريوت لتركيا. وعلى الرغم من أن هذه الصفقة ليست بديلا محتملاً لصواريخ S-400 الروسية ، فإنها ترمز إلى تحول تركيا التدريجي إلى الولايات المتحدة.

ويلفت رافي شيخ إلى أن سحب الولايات المتحدة لصواريخ باتريوت من تركيا عام 2015 تحول إلى رمز لمرحلة تدهور العلاقات بين البلدين، حيث إنه ترك المجال الجوي التركي مفتوحا أمام أي هجمات تشن من سوريا، ولكن يبدو أن هذه المرحلة تنتهي في الوقت الحالي بعد إعلان واشنطن رغبتها في بيع هذا النظام لأنقرة.

وكان رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، قال أخيرا "إن تركيا لم تتنازل قط عن الأنظمة المتوافقة مع حلف شمال الأطلسي، مؤكدا على بدء مباحثات مع الولايات المتحدة لشراء صواريخ باتريوت"، ومضيفا أن "الولايات المتحدة ما تزال حليفا لتركيا على الرغم من أخطائها في سوريا."

ووفقا لرافي شيخ، فإن شراء تركيا لهذا النظام المتوافق مع حلف الناتو له بعض الأبعاد الجغرافية السياسية، خاصة فيما يتعلق بانتهاء الصراع في سوريا. ويقول إنه خلافا للرواية الأمريكية التي تفيد بأن شراء نظام باتريوت هو صفقة تقنية، فإن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة تستخدم هذه الصفقة لجذب تركيا إلى جانبها في  الصراع السوري.

وأوضح أنه لو كانت هذه صفقة تقنية، لكان ينبغي على الحكومة التركية أن تطرح مناقصة، وأن تكون القوات الجوية التركية طرفًا بارزًا في عملية الشراء، ولكن شيئا من هذا  لم يحدث. وهذا يشير بوضوح إلى الاتفاق التام بين واشنطن وأنقرة فيما يتعلق بالعملية العسكرية التركية في عفرين، والعملية المخطط لها في منبح، ويتوقع المسؤولون الأتراك أن تحترم واشنطن هذا الاتفاق.

ويلفت رافي شيخ إلى التقارير الصحفية التي تحدثت في شهر مارس/ آذار عن تفاهم وليس صفقة بين واشنطن وأنقرة . وبعدها بشهرين أكدت تركيا أنها لن تقدم على خطوة عسكرية لتطهير شمال شرق وشرق سوريا من الميليشيات الكردية الموالية لتنظيم "بي كي كي"، مما يشير إلى استعداد أنقرة لتبني سياسيات في سوريا تتماشى  مع واشنطن وحلف الناتو أكثر من أي بلد آخر.

ومن جهة أخرى، تقوم تركيا منذ شهرين بعمليات سرية في منطقة "سيديكان" شمال العراق المتاخمة لجبال قنديل حيث يوجد المقر الرئيسي لحزب العمال الكردستاني، وتخطط لإنشاء قواعد عسكرية مؤقتة، لكن طويلة الأجل، لتطويق إقليم شمال العراق.

ويرى رافي شيخ إن تركيا بهذا التوجه تعيد ترتيب نفسها في سوريا بعد تقاربها التام مع الولايات المتحدة. ورغم أنها تواجه معارضة روسية وإيرانية فيما يتعلق بتوسيع عملياتها العسكرية من عفرين، فإنها ما تزال تعمل على تحقيق أهدافها في العراق، حيث لا توجد لدى روسيا وإيران مخاوف جدية.

ويختم رافي شيخ تحليله بالقول بأن الولايات المتحدة لا تهدف من خلال استيعاب مصالح أنقرة في العراق إلى منعها من مهاجمة الأكراد في سوريا، لكنها تسعى بشكل أساسي إلى إعادة تعريف نهاية اللعبة السورية، بجعل تركيا رأس الحربة لمصالح الناتو في سوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!