ترك برس

أعلن الرئيس التركي السابق، عبد الله غُل، في كلمة له نهاية الأسبوع الماضي أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المبكرة الشهر المقبل، واضعا بذلك نهاية للتكهنات التي بدأت منذ عام 2013 حول إمكانية دخوله في منافسة على منصب الرئاسة مع الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان.

وفي هذا السياق ذكر موقع المونيتور الأمريكي أن عبد الله غُل لم تكن لديه أي فرصة للفوز في الانتخابات الرئاسية، مضيفا أن فكرة ترشح غُل أثارت معارضة قوية في أوساط الموالين لحزب العدالة والتنمية ولدى مناهضي أردوغان على السواء.

وحدد الموقع في تقرير نشره اليوم ثلاثة أسباب حاسمة لرفض المعسكر المعارض لحزب العدالة والتنمية ترشيح غُل، على الرغم من أنه كان الاسم الأقوى في مواجهة أردوغان.

أولاً ، كان يُنظر إلى غُل على أنه ما يزال في كنف حزب العدالة والتنمية. وقد أكد هذا الإحساس لدى المعسكر المناهض لغُل خطاب عدم ترشحه الذي أعلن فيه عدة مرات ولاءه للعدالة والتنمية. وحتى قبل هذا الخطاب، لم تكن غالبية الأتراك تنظر إلى غُل على أنه معارض للعدالة والتنمية، حيث إنه لم ينتقد صراحةً أو يعارض بشكل واضح أردوغان أو الحزب، بل على العكس تعاون مع أردوغان خلال فترة رئاسته، وليس هناك أي دليل على أنه يمكن أن يتحدى أردوغان.

ويضيف التقرير أن المعسكر المناهض لغُل ما يزال يحمل الذكريات المرة للمرشح الرئاسي المشترك، أكمل الدين إحسان أوغلو، الذي أثبت  الفشل التام لحزب الشعب الجمهوري. فخلال الانتخابات الرئاسية عام 2014 شكل حزب الشعب الجمهوري تحالفًا مع حزب الحركة القومية وطلب من قاعدته التجمع حول إحسان أوغلو ، الذي كان مرشحًا إسلاميًا يتمتع بسمعة دولية جيدة. وحصل إحسان أوغلو على 38٪ من الأصوات وفشل في الترويج لأي انتقاد قوي ضد أردوغان.

ومما عمق من جرح حزب الشعب الجمهوري، أن إحسان أوغلو أعلن في الشهر الماضي بوصفه نائبا عن حزب الحركة القومية دعمه لأردوغان في الرئاسة، ولذلك كانت الحملة المناهضة لترشح عبد الله غُل مقتنعة بعدم تكرار الخطأ الذي وقعت فيه عام 2014.

السبب الثاني هو شخصية غُل السياسية. فعلى الرغم من أن غُل قادر على كسب القبول، إن لم يكن الدعم، من النخب التركية المثقفة من اليسار واليمين، فإن  عموم الأتراك لم يكونوا قريبين منه، ولم يكن غُل زعيما ودودًا أو شخصًا بارزًا يمكنه حشد الحشود. وعلى الرغم من أن حزب السعادة الإسلامي كان القوة الدافعة وراء ترشح غُل وكانت الفكرة أنه يستطيع استقطاب أصوات الإسلاميين المتفرقين والمحافظين والأكراد، فلم يكن هناك أي مؤشر على دعم غُل من شرائح المجتمع المحافظة.

ويلفت التقرير إلى أن بعض الأصوات المعارضة فسرت ترشيح غُل المحتمل على أنه فكرة فتح الله غولن زعيم التنظيم الإرهابي المتهم بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، والتحالف بين حزب الشعب الجمهوري وحزب السعادة وحزب الخير الجديد. ولذلك فسرعان ما تدهورت صورة غُل وغيره من نخب العدالة والتنمية التي ابتعدت عن الحزب.

أما السبب الأخير وراء رفض المعارضة، فهو الشعور بأن ترشيح غُل لا يشير إلى الأمل في التغيير بل اليأس وفقدان الأمل.

و قال أحد مستشاري نائب برلماني عن حزب الشعب الجمهوري: "جلسنا على المائدة مدة ثلاث ساعات لقراءة رسائل من الناخبين حول غُل. شعرت بألم في معدتي لأن الرسائل تلو الأخرى تقول لنا: لنبقَ مع أردوغان. لماذا نهتم".

ويضيف ​​أن إمكانية طرح اسم غُل كمرشح مشترك أو عضو سابق آخر من حزب العدالة والتنمية كواجهة لمعسكر معادٍ لأردوغان تعكس صورة محبطة. وتقول المعارضة إن ما بين  60 إلى 65٪ من الشعب التركي يميلون إلى اليمين. ومن الجيد تقديم مرشح لديه القدرة على سرقة الأصوات من قاعدة حزب العدالة والتنمية، لكن الحالة الراهنة للسياسة التركية لا تسمح بتطبيق هذا المنطق الخطي.

وقال أحد ناخبي حزب الشعب الجمهوري للموقع الأمريكي: "لماذا يجبرنا  كمال كلنشدار أوغلو على التصويت لإسلامي آخر؟ وحيث إن معظم الناخبين اليساريين ينفرون من التصويت لمرشح إسلامي، فلن يتوجهوا للتصويت، مما يجعل فوز أردوغان أسهل".

ويختم الموقع تقريره بالقول بأن فشل ترشح غُل يكشف مرة أخرى أن أحزاب المعارضة التركية غير المنظمة والضعيفة أعطت الفرصة مرة أخرى لأردوغان لاستعراض عضلاته، وتقديم نفسه على أنه الأمل الوحيد للحفاظ على استقرار تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!