صحيفة نويه تسوريشر تسايتونغ - خاص ترك برس

دون مقدمات، أقبلت السلطات المالية في تركيا على ادخار كمية كبيرة من الذهب. وفي بداية سنة 2017، بلغت قيمة احتياطي الذهب في البنك المركزي التركي 14 مليار دولار، في حين باتت تبلغ قيمته حاليا 25 مليار دولار. ويمثل مخزون المعادن الثمينة ربع الاحتياطي الإجمالي للبنك المركزي التركي.

وعلى مدار السنوات الماضية، كان البنك المركزي التركي يكنز نحو 116 طنا من احتياطي الذهب. وقبل سنة تقريبا، استبدل البنك المركزي جزءا من الاحتياطي النقدي بالذهب. ولم يقدم البنك تبريرا بشأن تلك الخطوة حتى الآن، ولم يحدد كذلك إذا ما كان سيستمر في مثل هذه الممارسات. وفي مطلع هذه السنة، تجاوز احتياطي الذهب التركي 200 طن.

الإرهاب الاقتصادي

من الواضح أن للأمر خلفية سياسية. فعلى ضوء الخلافات السياسية بين تركيا والولايات المتحدة، أراد الأتراك أن يظهروا للأمريكيين أن هناك بديلا آخر للدولار. وبالفعل، وقعت كل من تركيا وإيران في سنة 2017، اتفاقا يقضي بالتعامل من العملات المحلية في إطار الأعمال التجارية بين البلدين. وكان الاتفاق يقضي بتصدير الغاز والنفط الإيراني إلى تركيا مقابل الذهب.

منذ فترة طويلة، أعلن الرئيس التركي أنه يريد فك الارتباط بين اقتصاد بلاده والدولار، وأكد أن تركيا وقعت ضحية التلاعب بالعملة. وفي الأثناء، خفضت تركيا من سندات الدولار بصورة ملحوظة. وفي السياق ذاته، قال أردوغان، إنه "وعلى مدار التاريخ، لم يستخدم الذهب على اعتباره وسيلة للضغط، على عكس العملة الصعبة". وقد اتهمت القيادة التركية بعض القوى الأجنبية بأنها تمارس في حقها "إرهابا اقتصاديا".

ويرى العديد من الاقتصاديين أن السبب في تذبذب قيمة الليرة التركية يكمن في السياسة غير الواضحة وانتهاج الأتراك لسياسة اقتصادية جريئة. وقد أدى ذلك في النهاية إلى اختلال التوازن على مستوى ميزان الحساب الجاري والتضخم المتزايد في البلاد. وتعتقد القيادة التركية أنها تستطيع تجاوز أزمتها من خلال تعزيز مخزونها من الذهب.

سحب المخزون المودع لدى الولايات المتحدة

من اللافت للنظر أن استراتيجية تخزين الذهب بالنسبة للبنك المركزي التركي، قد شهدت تغيرا جذريا هذه المرة. فقد أعلنت القيادة التركية خلال الأسابيع الماضية أنها استردت مخزوناتها من الذهب الذي أودعته في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المتوقع أن يتم إيداع هذا المخزون مستقبلا في بنك التسويات الدولية في بازل وبنك إنجلترا.

خلال السنوات الماضية، أعادت ألمانيا وفرنسا جزءا من السبائك الذهبية الخاصة بهما التي كانت بحوزة الولايات المتحدة. والجدير بالذكر أنه ومنذ 100 سنة تقريبا، تقوم البنوك المركزية حول العالم بإيداع الذهب لدى بنوك مركزية من دول أخرى.

وربما يكون السبب وراء الخطوة التي أقدمت عليها أنقرة باستعادة مخزونها من الذهب لدى الولايات المتحدة، الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في حق نائب الرئيس التنفيذي لبنك "خلق" في نيويورك، هاكان أتيلا. وقد اتهمت السلطات في الولايات المتحدة أتيلا بانتهاك العقوبات الأمريكية ضد إيران. من جانبه، دافع أردوغان في أكثر من مناسبة عن أتيلا، معتبرا ما يحدث في حقه مؤامرة ضد تركيا.

الذهب الخاص

يسعى البنك المركزي إلى زيادة مخزونه من الذهب بواسطة الذهب المصنع محليا. ففي سنة 2016، زاد احتياطي الذهب لدى تركيا 27.5 طن بفضل الذهب المحلي فقط. وبالطبع، تشتري تركيا الذهب المحلي مقابل الليرة. وخلال السنوات الأخيرة، كثّفت الحكومة التركية جهودها من أجل إدخال الذهب الخاص، الذي يمتلكه الأشخاص العاديون، إلى النظام المالي. ويقدر مجلس الذهب العالمي احتياطي الذهب الذي يمتلكه الأتراك بنحو 3500 طن، بينما يؤكد البنك المركزي أن هناك 2200 طن في حوزة الأفراد.

في سنة 2017، أصدرت وزارة الخزانة التركية سندات وأدوات استثمارية أخرى تعتمد قيمتها على الذهب. وفي سنة 2011، ألزم البنك المركزي التركي القطاع المالي في الدولة بأن تكون 10 بالمائة من الاحتياطات المالية من الذهب. وقد يدفع ذلك البنوك التجارية إلى زيادة الذهب في محافظها الخاصة.

حتى الآن، لم تؤتي الخطوة التي أقدم عليها البنك المركزي ثمارها، وفقا لما أكده ثلاثة خبراء اقتصاديين. ولكن يبدو أن الأتراك يميلون إلى الاحتفاظ بالذهب داخل بلادهم في وقت الأزمات الاقتصادية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!