ترك برس

تُشير تقارير صحفية إلى أن الكثير من الغموض مازال يخيم على مصير إقليم الشمال في سوريا، الممتد على أربع محافظات هي إدلب وحلب وحماة واللاذقية، لاسيما بعد سيناريو درعا وتخلي واشنطن العلني عن دعم المعارضة في الجنوب السوري، بعد أن كانت طرفا ضامنا في اتفاق التهدئة هناك.

وترى صحيفة القدس العربي، أن مصير نحو أربعة ملايين شخص في إدلب بات الملف الأكثر إلحاحا، على وقع الأنباء الواردة عن تشكيل جيش وطني برعاية تركية يضمن ذوبان "الفصائل الجهادية" والسيطرة على سلاحها، بموازاة الاقتراب من طي ملف الجنوب السوري آخر معاقل المعارضة، بعد إدلب.

الباحث في الشؤون التركية – الروسية د.باسل الحاج جاسم، رأى أن أكثر من سيناريو ينتظر إدلب والمعارضة، قد يكون بينها الحل العسكري في حال لم تتمكن تركيا في فترة زمنية باتت قصيرة، من التعامل بشكل ناعم وسريع مع المنظمات المتواجدة هناك والمصنفة على قوائم الإرهاب.

وأعرب الحاج جاسم عن قناعته بأن المعارضة السورية لم تعد تتحكم باتجاه الأوضاع داخل سوريا، منذ ظهور التنظيمات الإرهابية المتطرفة منها والانفصالية وسيطرتها على مناطق واسعة في الجغرافية السورية، وهو ما جعل الأولويات تتغير لدى القوى العظمى والإقليمية في تعاملهم مع الحالة السورية.

ولفت إلى أن الغموض يكتنف مصير إدلب، لاسيما بعد جمع الكثير من المجموعات والفصائل مختلفة المشارب والتوجهات فيها، بالإضافة لوجود المنظمات المصنفة على قوائم الإرهاب.

والغموض سببه نواح عدة برأي المتحدث، أبرزها أن تلك الفصائل التي فشلت في التعامل في إدارة مناطقها وفهم توجهات القوى الدولية والإقليمية الفاعلة على الأرض السورية، وتمسكت بتفرقها، فحالها بالتأكيد لن يكون أفضل في إدلب، وما الهدوء الذي تعيشه المدينة اليوم ألا مرحلي.

فلم يعد سرا في رأيي الباحث في العلاقات الدولية أن إعلان إدلب منطقة وقف إطلاق نار شامل مرتبط بإعلانها خالية من أي تواجد لقوى مصنفة أنها إرهابية، فكل طرف دولي سيجعل من المنظمات المصنفة بالإرهابية في إدلب هدفا له.

وأشار إلى أن المشهد اليوم على أرض ادلب يؤكد "أن الوقت مازال مبكرا على إعلانها منطقة آمنة، لاسيما أن تركيا لم تظهر حتى الآن أي توجهات سياسية أو عسكرية جديدة للتعامل مع الوضع في إدلب الذي يروح تحت فوضى السلاح".

ولفت الخبير في العلاقات التركية – الروسية إلى أنه لا يمكن تجاهل السلاسة والسرعة التي تم فيها تنفيذ أو استكمال تنفيذ اتفاق سابق لافراغ بلدتي كفريا الفوعة، وتوقيت هذه العملية الذي يتزامن مع رسم مرحلة جديدة من عمر الصراع في سوريا، وملامحها الواضحة "ظاهريا" بانتصار فريق روسيا – إيران – النظام.

وبالتالي فإن غض الطرف الروسي على استكمال عملية الإخلاء تثير الكثير من التساؤلات حول ما ينتظر الشمال السوري بشكل خاص وسوريا بشكل عام.

بدوره رأى الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي، أن سوريا أصبحت مقسمة إلى ثلاث مناطق نفوذ، أهمها إقليم الشرق الذي تبلغ مساحته نحو ربع مساحة سوريا، ومعروف بغناه بالثروات الباطنية، يقع تحت الوصاية الأمريكية والدولية التابعة للتحالف.

وهناك إقليم المركز الذي يقع تحت وصاية روسيا ويشمل ثلاثة تقسيمات عسكرية – إدارية (السويداء تقع تحت حكم محلي درزي – محافظة درعا تقع تحت حكم محلي لفصائل المصالحة – وبقية المناطق تقع تحت حكم النظام)، وإقليم الشمال ويقع تحت الوصاية التركية.

وبالرغم من هذه التقسيمات إلا أن طبيعة الحال لا تشير إلى انتهاء عمليات التحاصص، ورسم حدود مناطق النفوذ أو الأقاليم، إذ توحي التحركات الروسية العسكرية والسياسية - حسب عاصي - بالرغبة في السيطرة على أكبر مساحة من المناطق الثلاث عبر تفاهمات دولية ومحلية ومن ثم فرض نموذج حكم مبني على إدارات ذات صلاحيات محدودة بسقف الضمانة الروسية.

وتزايدت في الأسابيع الأخيرة خشية تركيا من حدوث هجوم عسكري روسي سوري على إدلب قد يؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين ونزوح أعداد هائلة من أكثر من 3 ملايين مدني يقطنون المحافظة، وهو ما دفع المسؤولين الأتراك إلى التحذير من انهيار مسار أستانة.

وأكد المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أقصوي، قبل أيام أن تركيا "لا تريد أبداً أن يتكرر في محافظة إدلب السيناريو الذي شهدته الغوطة الشرقية وشمال حمص، ويشهده الآن جنوب غربي سوريا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!