علي بايرام أوغلو – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

القرن الأفريقي هو مكان تتواجد فيه الدول الفقيرة. هنا مصدر بعض الصور التي نرى فيها الأشخاص الذين تحولوا إلى أكياس من العظام , والأطفال أصحاب النظرات الحزينة. في الجولة التي رافقنا في أردوغان كانت صور الصومال بشكل خاص من المناظر التي لن تمحى من الذاكرة إلى مدة طويلة.

بعد الهجوم الذي قامت به حركة الشباب وبهدف تحقيق الأمن أعلنت حكومة الصومال عطلة رسمية لمدة يومين, وأنزلت جميع الجيش إلى الشوارع. كنا نشاهد الحكم العرفي في مقاديشو بكل معنى الكلمة. وقد كان الجيش وآلاته في الأرض والسماء. وكانت تصريحات رئيس الجمهورية على هذا النحو"مشى مع أردغان في الشارع مليون من الصوماليين , ولكن كنا مجبورين على أخذ هذه الاحتياطات لدرء الأخطار". لاتفهموا كلمة الشارع بشكل خاطئ ففي مقديشو لا يتجاوز عدد الشوارع الإسفلتية عدد أصابع اليد الواحدة. كان الطريق الذي سلكناه من المطار إلى القصر الرئاسي قد تم فرشه بالاسفلت حديثاً. الشوارع الفرعية ليست مفروشة حتى بالحصى. ولا نستطيع أن نطلق حتى كلمة أكواخ على الأماكن التي يسكنها الكثير من الناس. كانت خيم المهاجرين الفقراء في بلادنا تظهر كالقصر إذا ما قورنت بالمآوِ التي صنعت هناك من بقايا خيم مختلفة مع قطع من الصفيح. هذه ليست مناظر رأيناها في مناطق متطرفة من مدن جنوب أفريقيا. هذه حال المدن. كانت بعض جدران الصالة التي عقد فيها المؤتمر الصحفي في القصر الجمهوري تعاني من الرطوبة. الدخل السنوي للفرد يتراوح بين 300 و 400 دولار. كان من الجيد رؤية التصفيق عندما قال أردوغان في المؤتمر الصحفي للرئيسين بأننا سنبني خلال عام 10000 منزل كهدية. وسماع كلمات الرئيس الصومالي في مداخلته التي عبر فيها عن مدى أهمية ذلك من أجلهم...

وفوق كل ذلك عاشت تلك البلاد حرباً أهلية دامت لسنوات, وهي في وضع يسود فيه الانقسام, تتحكم منظمة الشباب في معظم البلاد. وبطبيعة الحال فإن قدرة الدولة على محاربتهم محدودة.

الصومال بلد مسلم, وحكومته كذلك, جمهورية إسلامية...

قال رئيس الجمهورية طيب أردوغان في جولته الأفريقية كلمة كانت جديرة بالانتباه وهي:" لو أن الدول النفطية تنفق زكاة نفطها فقط في هذه الدول فلن يبقى لا بؤس ولا فقر ..."

علماً أن طيب أردوغان لم يبرح يتحدث عن الظلم والتجاهل والاحتلال خلال زيارته لدول منطقة القرن الأفريقي. ومما كان لافتاً للنظر أيضاً إشارة أردوغان بشكل خاص إلى الغرب الذي احتل هذه الدول والذي وصفه بأنه "يأخذ ولا يعطي" وخاصة المجتمعات ذات الميول الإسلامية كجيبوتي والصومال, وقد أدى دور القائد العالمي الذي يقف بجانب الشعوب الأفريقية من خلال كلماته التي ألقاها في المجلس في جيبوتي , وفي الجامعة في أديس ابابا.

ولا تكفي الكلمات لوصف هذا الجانب من السياسة الخارجية التركية مهما حاولنا, الأساس في إحساس أصالة هذه السياسة هو التعرف عليها عن قرب. وقد فعلنا ذلك.

وخاصة في الصومال وبعدها جيبوتي.

الحياة والسياسة ليست عبارة عن غنى ونفوذ, المسألة الأساسية هي ما ينتجه هذا الثنائي من الفقر والظلم... ارتفعت نسبة المساعدات التركية للدول الفقيرة خلال الفترة من عام 2003 إلى العام 2015 من 45 مليون دولار إلى 4.5 مليار دولار وهذه ليست تواريخاً وأرقاماً فقط.

كان يوجد العديد من رجال الأعمال أيضاً في الجولة. وكان أحدهم نوري البيرق أحد مالكي جريدة يني شفق. ومجموعة البيرقلار هي من أهم الداعمين للمساعدات الذاهبة إلى الصومال. وكان السيد نوري في الطريق يتحدث بفخر عن السفارة التركية التي يهمون ببنائها في الصومال. وستكون أكبر السفارات التركية وستحتوي على أبنية بمساحة 10 آلاف متر مربع وستكون المساحة الكاملة 65 ألف متر مربع. في حين يمكن التذكير بأن السفارة البريطانية تقدم خدماتها باستخدام حاوية شحن...

افتتح أردوغان في مقديشو مستشفى يحتوي على 200 سرير, وتؤدي هذه المستشفى التي بنتها مجموعة البيرقلار خدماتها من خلال ما يقارب الـ 10 أطباء أتراك تحت إشراف وزارة الصحة التركية. وبعد 5 سنوات سيتم تسليم المستشفى تماماً إلى الصومال. ويتم تشغيل ميناء الصومال من قبل البيرقلار أيضاً. وهذا ما يساهم في ميزانية الصومال. ويشغل 8000 شخص. وما يشابه ذلك من الأمثلة...

هذه ليست مساعدات من الدولة فقط, بقدر ما ينشط المستثمرون في أفريقيا, وبقدر مايتم إشعار الناس في الصومال بأهميتهم , بقدر ما يشعر الإنسان براحة الضمير وببياض الوجه.

عن الكاتب

علي بايرام أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس