فاتح شكيرغيه – صحيفة حريت – ترجمة وتحرير ترك برس

السؤال التاريخي المطروح حول الألعوبة الكبيرة الجارية قرب حدودنا الجنوبية هو التالي:

هل ستقام في شمال سوريا منطقة عازلة؟ أم منطقة آمنة؟

أيهما تريد تركيا؟ وما الفرق بين المنطقة العازلة والمنطقة الآمنة؟

هناك فرق دقيق لكن عميق جدًّا..

المنطقة الآمنة: منطقة يمكن للأشخاص غير المشاركين في الحرب اللجوء إليها في فترات الاقتتال المسلح. الغاية منها حماية المقيمين فيها من تأثير الاقتتال. هي منطقة تضمن حياة البشر فيها.

المنطقة العازلة: هي منطقة تقع بين دول معادية لبعضها البعض. ليست منطقة صالحة للعيش، وإنما ساحة عسكرية تمامًا.

لأن "ي ب ك" تنظيم إرهابي لا يمكن قانونًا إنشاء منطقة عازلة بيننا وبينه. فهو ليس دولة ولا قوة عسكرية، إنما فرع تنظيم إرهابي. كما أن سوريا ليست دولة مسيطرة على أراضيها.

نأتي الآن للإجابة عن السؤال..

كما تذكرون، في حرب العراق أنشأت الولايات المتحدة في الشمال بمحاذاة حدودنا منطقة عازلة، وابتدعت مصطلحًا لها اسمته "توفير الراحة".

بالنسبة لنا كانت "منطقة حظر طيران". لم يكن باستطاعة قواتنا التواجد هناك. كان اسمها منطقة عازلة.

ماذا حدث بعد ذلك؟

أدخلت البنتاغون إلى المنطقة العازلة البيشمركة، التي دربتها وكالة الاستخبارات المركزية وحولتها إلى جيش. وسمحت لبي كي كي أيضًا بالانتشار في المنطقة، وتقارير تلك الفترة توثق المساعدات الملقاة إليه من الجو.

بالنتيجة، تحولت المنطقة العازلة مع مرور الوقت إلى إقليم شمال العراق. ودخل طالباني وبارزاني، اللذان كان يعتبران زعيمان عشائريان، في مصاف رجال الدولة.

افتتحت الجامعات في أربيل، وبُني فيها مطار أكبر من قاعدة إنجيرليك التركية. كما تم تأسيس مصرف مركزي. والآن يسعى قادة الإقليم إلى الاستقلال.

المنطقة الآمنة

تختلف المنطقة الآمنة تمامًا عن المنطقة العازلة في شمال العراق، لأن الجيش التركي سيكون القوة التي توطد الأمن فيها. بمعنى أن تركيا لن تسمح بوجود كيان في المنطقة الآمنة دون علمها.

ما يثير قلق أنقرة هو السؤال التالي:

هل تخطط البنتاغون لتأسيس كيان "مستقل" من أجل "ي ب ك" في المنطقة التي لا تريد إدخالنا إليها بسوريا، على غرار شمال العراق؟

إذا لم نكن داخل المنطقة العازلة فهي ستكون "نقطة عمياء" بالنسبة لنا.. أما المنطقة الآمنة فسنكون داخلها نتابع كسلطة كل تطور فيها..

فهل المنطقة العازلة عبارة عن إعداد "جيش كانتونات" في سوريا، على منوال شمال العراق. تبدو هذه نسخة سورية من مخطط عتيق للبنتاغون.

وهذا ما لا تقبله تركيا. 

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس