برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تصعّد واشنطن التوتر بخصوص منظومة إس-400. رغم أن أنقرة أوضحت موقفها النهائي بالقول إن "هذه القضية منتهية"، إلا أن المؤسسات الأمريكية تواصل ضغوطها.

تحذر وزارة الخارجية والبنتاغون من أن شراء تركيا المنظومة سيكون له تبعات كبيرة. مساعد المتحدث باسم الخارجية روبرت بالادينو ذكر التبعات كما يلي: "إعادة النظر في مشاركة تركيا بإنتاج مقاتلات إف-35، التأثير على التسليم المحتمل لأسلحة أخرى، تعرض المؤسسات الحكومية أو الخاصة والأشخاص المشاركين في صفقة إس-400 لعقوبات محتملة في إطار قانون "كاستا".

بدوره قال الجنرال كورتيس سكاباروتي إن صواريخ إس-400 "تشكل خطرًا على أنظمة الناتو". أصبحت القضية في مرحلة لا يمكن إدارتها إلا بصيغة يتوافق عليها أردوغان وترامب.

***

مخاوف واشنطن بخصوص منظومة إس-400 معروفة، منها شراء بلدان أخرى للمنظومة، وخفضها قيمة مشروع مقاتلات إف-35، وخلقها مشاكل لأنظمة الناتو المشتركة.

بالنسبة لتركيا، لجأت إلى بدائل أخرى لأنها لم تستطع الحصول على منظومات دفاع جوي من الولايات المتحدة وأعضاء الناتو اعتبارًا من عام 2011.

في مواجهة الانتقادات التي استهدفت صفقة إس-400، تقول أنقرة إنها مستعدة للتعاون التقني بهدف الحيلولة دون تضرر الأنظمة المشتركة للناتو.

لو شاءت واشنطن لكان بإمكانها تبديد مخاوفها عبر التعاون مع أنقرة. يمكنها عدم ربط صفقة إس-400 بقانون كاستا، وحل المشاكل المتعلقة بمشروع إف-35 من خلال التعاون التقني.

ومن أجل الحيلولة دون شراء بلدان أخرى صواريخ إس-400 من روسيا، يمكنها إصدار قانون جديد. وبذلك يمكن منع إثارة مشكلة جديدة وخطيرة على العلاقات المتأزمة أصلًا بسبب ملفات غولن ومنبج و"ي ب ك" وبنك خلق.

لكن يبدو أن واشنطن لا تكتفي بالتهديد بفرص عقوبات، وإنما تسعى لتحويل ضغوطها إلى حملة مركزها حلف الناتو. من المحتمل جدًّا إدراج ملف إس-400 على أجندة اجتماع وزراء خارجية الناتو الشهر القادم.

تسعى الولايات المتحدة إلى إثارة المخاوف لدى العواصم الأوروبية المشاركة في مشروع إف-35، ودفعها إلى ممارسة ضغوط على أنقرة.

***

الذرائع الرئيسية تتمحور حول ادعاءات من قبيل أن "أنقرة تلقي بأمن الناتو إلى التهلكة"، و"تركيا هي حليف في الناتو لا يمكن الوثوق به"، و"أردوغان يبعد تركيا عن الغرب".

لا فائدة ترجى من هذا الخطاب على صعيد العلاقات التركية مع الولايات المتحدة أو الناتو. لا يمكن استبدال خيار يولي الأهمية للمصالح القومية التركية بذريعة تقول إن الخيار المذكور يلحق الضرر بتركيا.

وكما أن هذا الخطاب يثير شعورًا بالعداء للغرب في الشارع التركي، فهو يشعل الجدل أيضًا حول معنى وضرورة حلف الناتو. فالشارع لم ينس بعد لا مبالاة الناتو فيما يتعلق بالدفاع عن تركيا في الأزمة السورية.

تريد أنقرة إدارة قضية شراء إس-400 دون إثارة مشاكل للولايات المتحدة والناتو، وتولي أهمية لسلامة مشروع إف-35. يمكن تخطي التوتر بإيجاد حل وسط.

أما مقاربة "إس-400 تثير أزمة في الناتو" فهي تلحق الضرر فقط بتحالف أنقرة مع الغرب، ولا يمكنها أن تدفع تركيا للتراجع عن تعهدها أو التنازل فيما يتعلق بمصالحها القومية.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس