برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تصعد واشنطن التوتر بخصوص منظومة إس-400، بعد أن تركته لما بعد الانتخابات المحلية التركية، وبدأت بإعلان انتقاداتها الواحدة تلو الآخر.

تستخدم واشنطن أزمة إس-400 للتعبير عن امتعاضها من الانتقادات التركية لها بخصوص أزمة فنزويلا وقرار الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

يبدو أن حلقات هذا التوتر لن تقتصر على مقاتلات إف-35، بل سيكون هناك المزيد..

علاوة على ذلك فإن المسؤولين الأمريكيين يربطون المسألة بالناتو، بهدف ممارسة ضغوط على أعضاء الحلف، ليقفوا إلى جانبهم، ولدفع الناتو للوقوف في مجابهة تركيا بخصوص صفقة إس-400.

لهذه الغاية ظهر نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس على المسرح ليقول: "على تركيا الاختيار بين أن تكون شريكا هاما في أقوى حلف عسكري في تاريخ العالم، وبين أن تتخذ قرارات طائشة تعرض من خلالها أمن الحلف للخطر".

وردًّا على هذه التهديدات قال نائب الريس التركي فؤاد أوقطاي: "على الولايات المتحدة أن تقرر، هل تريد أن تبقى حليفة لتركيا، أم المخاطرة بصداقتنا ووضعنا في موقف صعب أمام أعدائنا عبر التعاون مع التنظيمات الإرهابية".

***

تدعي واشنطن أنه في حال نشر صواريخ إس-400 فإن أمن معطيات مقاتلات إف-35 سيكون في خطر، ولا تكتفي بتحريك شركاء مشروع إف-35 فحسب، بل تسعى لدفع الناتو في هذا الاتجاه.

السكرتير العام للحلف ينس ستولتنبرغ يقول إن أعضاء الناتو يتخذون قرارات شراء الأسلحة بشكل مستقل. بل يدعو البلدين لحل الأزمة بالتوصل إلى حل وسط. وأنقرة منفتحة على هذا المقترح.

***

تفضل واشنطن تصعيد التوتر رغم اعتراف ترامب نفسه بأنه كان من الخطأ عدم بيع منظومة باتريوت لتلبية حاجة أنقرة الأمنية في وقته، ولا تأخذ في الاعتبار مقترح ستولتنبرغ للوصول إلى حل وسط.

يلوح المسؤولون الأمريكيون إلى إمكانية طرحهم عضوية تركيا في الناتو للمناقشة. تثير الولايات المتحدة أزمة داخلية في الحلف من خلال ممارسة ضغوط على تركيا.

من الواضح أن أنقرة تولي أهمية للناتو. وهي لم تنجز صفقة إس-400 من أجل الإيقاع بين الولايات المتحدة وروسيا. ما تريده تركيا هو تلبية حاجتها للدفاع الجوي، التي اتضحت بشكل بارز خلال الحرب السورية.

خطأ كبير أن تلوح واشنطن بالناتو للضغط على أنقرة كي تتخذ قرارها. هذا يعني استنزاف الحلف من خلال جره إلى داخل توتر ثنائي.

وبينما تستمر توترات ثنائية لم تحلها العاصمتان (تسليم غولن، بنك خلق، منبج، دعم "ي ب ك"، المنطقة الآمنة) ستجر إضافة توترات جديدة (إف-35، العقوبات، إلخ) حلف الناتو إلى أزمة.

يتوجب على أعضاء الحلف الآخرين الإسهام بتسوية المشكلة عن طريق حل وسط. إن لم تُحل المشكلة ستلحق الضرر بالصناعات الدفاعية للبلدين، ولن يقتصر الأمر على ذلك، بل سيثير زلزالًا استراتيجيًّا بين الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا وتركيا.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس