حسن بصري يالتشين – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته الثالثة هذا العام إلى موسكو. الكثير من القضايا كان على أجندة الزيارة، لكن أهمها صفقة إس-400.

تتعرض تركيا لضغوط كبيرة، والولايات المتحدة تهددها علنًا. يتحدث المسؤولون الأمريكيون عن إمكانية إخراجنا من مشروع إف-35، الذي نشكل جزءًا منه. وروسيا تتابع الوضع بقلق.

منذ مدة طويلة تسعى تركيا للحصول على منظومة دفاع جوي. طلبت منظومة باتريوت مرات عديدة لكن الولايات المتحدة لم تقبل بيعها.

بل إن واشنطن سحبت منظومتها من الأراضي التركية في ذروة الحرب السورية، وتركت أنقرة بمفردها في مواجهة تهديدات روسيا وإيران.

انقلبت الآية الآن. تمكنت تركيا من التقارب مع روسيا، واتفقت معها على صفقة إس-400.

البعض يقول إن الولايات المتحدة ربما ظنت موقف تركيا نوعًا من التهديد الفارغ، ولم تقدم على أي خطوة إيجابية. أما الآن فهي تلجأ للغة التهديد.

لنفترض أن تركيا رضخت للتهديد وتخلت عن شراء إس-400. هل فكرتم بالعواقب؟ قد ينجم عن ذلك فقدان خطير للثقة تجاه روسيا.

علاوة على ذلك، لن تصلنا منظومة باتريوت، والله وحده يعلم ما سيكون مصير مشروع إف-35. كم شخصًا يمكنه الادعاء أن الحصول على مقاتلات إف-35 مضمون في حال تحملت تركيا كل هذه المخاطر وتخلت عن صفقة إس-400؟

على العكس، ستواصل الولايات المتحدة بأريحية أكبر مواقفها المتعنتة. وعند شرائنا منظومة إس-400، سنكون حصلنا على منظومة دفاعية حتى لو لم تسلمنا الولايات المتحدة مقاتلات إف-35.

في ظل هذه المعطيات، لا أحد يمكنه اقتراح تخلي تركيا عن إس-400، على أنه خيار عقلاني.

في الحقيقة، الربط مباشرة بين إس-400 وإف-35 يؤدي إلى نتائج خاطئة. كلاهما موضوع أزمة منفصلة، وليسا بديلان عن بعضهما.

حل أزمة منهما لا يحل الأخرى، على العكس كلاهما ناجم عن الموقف غير المسؤول للولايات المتحدة تجاه تركيا. وما دامت واشنطن تنوي مواصلة لا مبالاتها فالنتيجة واحدة حتى لو لم نشترِ إس-400.

كما أن إخراج تركيا من مشروع إف-35 ليس بتلك السهولة. صحيح أن الولايات المتحدة إذا أقدمت على هذه الخطوة ستسبب أزمة كبيرة لتركيا، لكنها ستوجه في الوقت نفسه ضربة شديدة للمشروع والتحالف الغربي.

عرقلة مشروع مشترك ستلحق الضرر بكل شريك حسب نسبته. لهذا أعتقد أن تركيا حازمة في مسألة إس-400. بعد كل ما حدث لن تتصرف أنقرة بناءً على وعود واشنطن أو تهديداتها. ولا تريد تقويض علاقاتها مع روسيا.

هناك الكثير من القضايا المشتركة بين روسيا وتركيا، وكلاهما ينجح في السير معًا، غير أن الوضع لا يعجب الولايات المتحدة. ولهذا ستحافظ تركيا على علاقاتها مع روسيا، وإذا نجحت في إبقائها على مستوى مساومة عقلانية سيكون البلدان في أمان.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس