ميرا خالد خضر - خاص ترك برس

يعد المطبخ التركي من أكثر المطابخ العالمية تنوعًا، إذ يجمع بين عدة أذواق من مطابخ مختلفة من دول مجاورة جغرافيا تمتزج معها ثقافيا وتاريخيا مثل المطبخ العربي، والمطبخ الفارسي، والمطبخ الكردي، والمطبخ الهندي، والمطبخ الأرمني، والمطبخ الشركسي، كما يُعرف عن المطبخ التركي اهتمامه بالأكلات الشعبية القديمة المتوارثة عن الأجداد، والتي لا تزال تطبخ في معظم البيوت والمطاعم التركية ويتم طلبها بكثرة من قبل المواطنين الأتراك أو القادمين الى تركيا من السياح، وفي أغلبها وصفات سهلة ولذيذة، ويمكن تحضيرها بإتقان.

كما تحرص السيدات التركيات على تعليم بناتهن مهارات وفنون المطبخ التركي العتيق لتأسر قلب زوجها تيمناً بالمقولة "إن أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته"، وبالرغم من تطور الحياة بكافة تفاصيلها وارتفاع المستوى التعليمي للمرأة التركية وتبوئها مكانة مهمة في سوق العمل، إلا أنها لا تزال تحافظ على وصفات المطبخ العثماني التركية التقليدية المتوارثة.

الطباخة ألماس: بين حب الطبخ والتشبث بوصفات المطبخ العثماني

جميل أن يكون صنع الطعام والإبداع فيه للتعبير عن حالة حب أكثر من كونه حالة جوع، فالأولى تظل مستمرة وتنمو وتكبر، أما الثانية فهي مجرد استجابة لحالة تنتهي في لحظتها، ففي مطعم أنيق بمنطقة سيركجي العتيقة بقصورها قرب حديقة غولهانة بارك في مدينة إسطنبول التركية، تبدو السيدة التركية "ألماس" منشغلة بعجن وإعداد إحدى أقدم الاكلات التركية "غوزلمة"، وتوشك على تحضيرها لتقديمها لزبائن المطعم من السياح ممن اعتادوا على ارتياده لتناول أطباقه والجلوس ضمن ديكور تقليدي وجلسة مميزة، حيث تظهر الشيف ألماس من واجهة المطعم.

تراها ترقق العجين بمده على طول الطاولة وتملؤه بالحشوة ثم تقوم بطهيه على الصاج. وفي حديثنا معها تجيب السيدة ألماس بأن وعي المجتمع التركي في السنوات الأخيرة غيّر من وجهة النظر السائدة عن المرأة الطباخة في المطاعم، حيث من العادي أن تتواجد المرأة في شتى مجالات العمل في تركيا تشارك وتتميز أيضًا.

تقول ألماس إنها كمواطنة تركية فخورة جدًا بالعمل الذي تقوم به، وتشد على يد كل امرأة تحاول الوصول لأعلى المراكز لكي تثبت أنها مبدعة في أي مجال، فالطبخ بالنسبة لها عالم من الحب والاستمتاع يستهويها منذ الصغر، تراه مجالًا يمكن لأي إنسان أن يستمتع به ويقوم به بطريقته الخاصة، فالأكل شيء لا غنى عنه.

وتشير إلى أنها تحاول من خلال عملها المحافظة على الموروث التقليدي من وصفات الطبخ العثماني من الاندثار وسط تزايد الطلبات على الأكلات السريعة الحديثة، وكذلك إبراز أصالة المطبخ التركي العثماني للسياح، وتضيف أن هناك منافسة كبيرة في الوقت الحالي في مجال الطبخ التقليدي وأن أعداد الطباخات في تزايد كل يوم ليقدمن أفضل ما لديهن من مأكولات شعبية تركية أصلية بمكوناتها التراثية.

وقول ألماس إنها تتمسك بعملها الذي قد يوصلها للعالمية حال إتقانه بالشكل المناسب، وأنها تجمع بين شغفها بالطبخ الذي تراه حالة إبداعية ومشاركة الآخرين ما تحب، إلى جانب الربح المادي طبعًا، حيث كشفت أنها تخشى دائمًا من ارتكاب أخطاء في الطهي وخصوصًا عندما يكون هناك ازدحام وزبائن كثر في المطعم، ولكنها مع ذلك تحرص على أن تكون ناجحة وتتجاوز الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها.

تسرد لنا السيدة ألماس كيفية تحضير الأكلة الشعبية العثمانية "غوزلما"، والتي تجدها أيضا بالمغرب العربي على نفس الشاكلة باسم "المحاجب". لتحضير "غوزلمة" نقوم بعجن المكونات التالية: نصف كيلو دقيق (طحين)، وملعقة صغيرة خميرة فورية، وماء دافئ حسب تماسك عجين، وقليل من الملح، و5 ملاعق زبدة مذابة. ولتحضير الحشوة الأولى تقلى كل من المكونات التالية: سبانخ، وملعقة زيت زيتون، ونصف كيلو بصل. ولتحضير الحشوة الثانية تطبخ حبّتان من البطاطا في الماء المغلي، وتضاف إليها ملعقة صغيرة من الملح، ونصف كيلو من البصل المقلي، وكأس من الماء. أما الخطوة الأخيرة، فهي ترقيق العجين جيدا على شكل دوائر كبيرة، ثم إضافة الحشوة، ثم وضعها فوق الصاج ودهنها بالزبدة ثم قلبها حتى تنضج، وتقدم مع الشاي الأحمر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!