محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أولًا أدين الاعتداء الذي تعرض له رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قلجدار أوغلو، وأهنئه على السلامة.

خلفت تركيا وراءها انتخابات هامة دون مشاكل بنسبة كبيرة، لكن للأسف ظهر مشهد مخيف مع وقوع هذا الاعتداء البشع في أعقابها مباشرة.

أقول المشهد مخيف لأن الاستقطاب السياسي الذي نعيشه اليوم لا يتشكل فقط عبر المواقف الخاطئة للسياسيين أو الإعلاميين. هناك العديد من الأوساط القذرة والقوى العالمية تتربص في الكمائن.

عندما تجتمع الحسابات القذرة لهذه القوى مع أخطائنا نقع في الفخ. في هذه الحالة، لا يهم من يكون في سدة الحكم أو في جبهة المعارضة.

رأينا عشرات الأمثلة المشابهة في الماضي. جميع الحكومات السياسية انشغلت بالتوترات القائمة ما بين اليمين واليسار، والعلماني واللا علماني، والعلوي والسني، والتركي والكردي، عوضًا عن إيجاد حلول بسيطة للمشاكل. وانتهت جميعها بانقلابات.

حتى الأمس كان هذا البلد يوضع تحت السيطرة باستخدام هذه القضايا الحساسة. عند النظر إلى الماضي، نرى آثار الغلاديو المتغلغل في المفاصل الدقيقة للدولة والسياسة.

كان الغلاديو يستغل الصراعات الداخلية المفرغة للمثقفين والسياسيين، ويمهد الطريق أمام الانقلابات من خلال تنفيذ جرائم دامية.

لكن، هل نعلم ماذا يفعل الغلاديو اليوم، وإلى ماذا يستعد؟

خلال الأعوام الستة الماضية، شهدنا هجمات غريبة ومحاولة انقلابية في 15 يوليو، ومحاولات احتلال. لكن القوى العالمية رأت أن الحصول على النتيجة غير ممكن بالانقلاب، لهذا تسعى لتنفيذ مشروع مختلف تمامًا الآن.

يتم التضييق على تركيا من خلال الحصار الاقتصادي وشرق الفرات ومسألة إس-400 وشرق المتوسط من جهة، والجمع في مكان واحد بين أطراف بينها عداوة شديدة، من جهة أخرى.

مساعي إثارة النزاعات العميقة لم تعد تجري عبر اليسار المتطرف أو العلويين أو المتدينين أو الانفصاليين الأكراد، وإنما عبر وضع التيارات السياسية الرئيسي في مجابهة مع بعضها.

هناك انطباع عن الوصول اليوم إلى هذه المرحلة. يتوجب على الحكومة والمعارضة على الأخص أن تريا هذا الخطر، وأن تستنبطا منه درسًا.

لكن بعد مثل هذه الأحداث، أو خلال الفترة التي نعيشها، هل كان هناك فعلًا من استنبط درسًا؟ 

أهم موقف كان للرئيس رجب طيب أردوغان من ناحية استنباط الدروس خلال فترة ما بعد الانتخابات، وليس بخصوص هذه الحادثة فحسب.

أردوغان قال: "حان الوقت من أجل تهدئة القلوب الغاضبة، والتصافح والتضامن، إنه وقت تعزيز وحدة صفنا من جديد". وأضاف: "من المهم جدًّا أن يتحرك السياسيون وفق حس المسؤولية في هذه الفترة الحساسة".

من أجل فتح صفحة جديدة، أصبح من الواجب النظر إلى المستقبل دون مراجعة الدفاتر القديمة.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس