معين نعيم - خاص ترك برس

انتهت مناظرة إسطنبول الكبرى بين المرشحين الرئيسيين لمنصب رئاسة البلدية الكبرى في المدينة دون أن تكون حاسمة لأي طرف كما روج لها البعض لكنها أيضا احتوت بعض الضربات تحت الحزام من الطرفين وإن كانت الضربات الثقيلة أكثر وجهت من بن علي يلدرم إلى أكرم إمام أوغلو... ويمكن تلخيص المناظرة في النقاط التالية:

• حدوث المناظرة بحد ذاته هو تحول جديد وإيجابي في السياسة التركية حيث أن آخر مناظرة سياسية كانت قبل 17 سنة وحدوث المناظرة كان إيجابيا أيضا لتخفيف حالة الاصطفاف الحاد حتى العداء بين المتنافسين فظهورهما على الشاشة يتناقشان في ما يرونه مصلحة المدينة وأهلها يخفف من وطئة العداء.

• بدا في المناظرة أن أكرم إمام أوغلو أكثر استعدادا بتحضير اللوحات الملونة والأرقام المصورة بينما كان بن علي باستثناء الجزء الأخير يتكلم دون ورق وبشكل عفوي ورغم أن الاستعداد أوحى لبعض المتابعين بأن الأسئلة مسربة إلا أن معظمها أسئلة متوقعة من العامة فما بالك بفريق دعم المرشح الذي عمل معه أيام وليالي للاستعداد لهذه المناظرة.

• حاول أكرم إمام أوغلو التركيز على مظلوميته وأن انتخابه انتصار للحق وهو ما يعرف أنه يؤثر في الناخب التركي وهو ما نجح في تصعيد أو إنجاح العدالة والتنمية أكثر من مواجهة انتخابية سابقًا.

• لمنع هذا ركّز بن علي يلدرم على أن الإعادة كانت بسبب الشعب الجمهوري وأنهم من رفضوا للوصول للحقيقة مما اضطرهم لطلب الإعادة كي لا يكون هناك شك في مصداقية النتيجة وحتى لا يظم الناخب التركي ويتلاعب بقراره.

• أكرم إمام أوغلو بفعل السن كان أكثر حيوية وسرعة في الحديث الأمر الذي يحسب له أمام الناخبين خاصة الشباب منهم.

• على الطرف الآخر كان بن علي يلدرم بطيء الكلام ولكن أكثر رزانةً في الرد وأكثر ثقة بنفسه مما أكسبه مصداقية لدى الناخب الواعي وخاصة من يبحث عن قيادي له وزن في الدولة ليقود المدينة.

• تكلم أكرم وأضاع وقته كثيرا في الحديث عن المشاكل في إسطنبول التي يتداولها الناخب العادي كالسوريين والبطالة والتي تحرك مشاعر الناخب المستاء ولكنه لم يتكلم في الحلول التي سيقدمها للمدينة مما رفع من قيمة حديث بن علي عن المشاريع والحلول التي سيقدمها.

• بن علي ركز على الحلول والأرقام في الطرح بينما تكلم أكرم بشكل عام وركز على أنه سيطرح الحلول بالتشاور مع الكتل المعنية بالأمر وهذا أعطى شعور للمتابع أنه لا يملك الحلول وأنه يسعى فقط لكسب تعاطف الكتل المعنية بالمشاكل كالشباب والسائقين وغيرهم.

• رغم أن موضوع الشباب كان يعتبر الأكثر قوة لدى أكرم إمام أوغلو إلا أن بن علي يلدرم كان جوابه أكثر قوة ووعوده أكثر جدية من تشغيل الشباب والطلاب إلى الخدمات.

• ركز بن علي بشكل واضح على استفزاز أكرم واتهامه بالكذب بالأدلة في عدة مواقف يبدو أنه بشكل مقصود لاستفزازه في اللقاء وهو ما بدا أنه أثر عليه وان لم يكن بشكل كبير ولكن أيضا لإضعاف ثقة الجماهير فيه بما يطرحه خاصة وأن الدعاية المضادة للعدالة والتنمية كانت تركز على كذب إدعاءات وحديث إمام أوغلو في أكثر من قضية.

ضربات تحت الحزام كانت من الطرفين ويمكن تلخيصها في التالي:

1. بن علي يلدرم وجه ضربة قوية لأكرم إمام أوغلو بموضوع نسخ معلومات بلدية إسطنبول على ديسكات خارجية ثم إحراجه بتفنيد تبريره لنسخها بنية حمايته بأن هناك نسختين وكذلك اتهامه له بالاستهتار بأمن المعلومات الخاصة بالبلدية والمواطنين عبر استخدام أشخاص غير موظفين في البلدية للعملية ولم يستطع إمام أوغلو التبرير.

2. أكرم إمام أوغلو وجه ضربه لبن علي في موضوع الإسراف في البلدية وركز على ما قدمته البلدية للأوقاف والجمعيات المحسوبة على التيار المحافظ فخفف يلدرم الضربة بنفي دقة الكلام والتركيز على دعم الأوقاف لمكافحة تأثير جماعة غولن الإرهابية على الشباب في الأمور التي لا يمكن للبلدية عملها كرعاية الطلاب وإدارة السكنات الطلابية وكذلك باتهامه لأكرم إمام أوغلو بالاستعداد للتعامل بحزبية مع مؤسسات المجتمع المدني.

3. وجه بن علي يلدرم الضربة الأقوى في البرنامج في موضوع شتم مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو لوالي مدينة أوردو بلفظ (كلب) الأمر الذي انتشر تسجيله المصور في العديد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وصمت عليه إمام أوغلو يومين ثم ادعى أنه لم يشتم فاضطر للإنكار الأمر الذي كان مرفوضا حتى من معارضي العدالة والتنمية.

آخر جزء في المناظرة كان تمديد المدة الزمنية بطلب من مدير اللقاء وموافقة الطرفين ركز على الشباب والمواصلات وكان فيه تقدم واضح لبن علي يلدرم خاصة في موضوع المواصلات وقد يكون هو الجزء الذي رجح الكفة لصالح بن علي وأحرج فيه منافسه حين أثبت أن البلدية كانت تعطي منحًا للطلاب ولكن بعد مطالبات بل وقضايا رفعها حزب الشعب الجمهوري تم منع البلديات من ذلك.

قاطع بن علي يلدرم منافسه عدة مرات ويبدو أنها كانت مقصودة لاستفزازه وقطع حبل أفكاره.

في الخلاصة المناظرة انتهت وكانت في جو مقابلة تلفزيونية أكثر من كونها مناظرة والأمر الآن يعتمد على قدرة الأطراف المتنافسة على الاستفادة من الحماسة التي أشعلتها المناظرة بين الأنصار للتأثيرعلى المترددين وهم نسبة صغيرة لكنها مؤثرة جدا في النتائج.

عن الكاتب

م. معين نعيم

باحث وكاتب مختص في الشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس