حمزة تكين - أخبار تركيا

لا تكاد تركيا تخلو بشكل يومي من إغلاق أو فتح ملفات ساخنة هنا أو هناك، فالتطورات الداخلية في هذا البلد، الذي يسير بخطى سريعة نحو أهداف كبرى، تطورات متسارعة متنوعة تؤثر على الكثير من نواحي الحياة وحتى على كثير من الاستراتيجيات السياسية وغيرها.

ملف ساخن آخر يُفتح في تركيا، لتعيش تركيا اليوم حالة ثورة جديدة، ثورة حقيقية بكل ما للكلمة من معنى.. ثورة مظلوم على الظالم.. ثورة معاناة تسبب بها تجار الإنسانية.

منذ نحو أسبوعين، انطلقت الثورة الجديدة من مركزها في ولاية ديار بكر جنوب شرقي تركيا، ثورة أمهات مظلومات مضطهدات، حُرقت قلوبهن على فلذات أكبادهن، بسبب تعنت جهات مصرة على أن تكون داعما للإرهاب قولا وفعلا.

منذ نحو أسبوعين، تعتصم العشرات من الأمهات الكرديات أمام مقر حزب "الشعوب الديمقراطي" المعارض، مطالبة مسؤولي الحزب بإعادة أبنائهن المخطوفين والمجنّدين لصالح تنظيم PKK الإرهابي.

شباب في ريعان العمر، خطفوا من أحضان أمهاتهم وأرسلوا للجبال النائية الوعرة القاحلة لضمهم ـ غصبا وزرا ـ لتنظيم PKK الإرهابي.. خطفوا فقط لأن عوائلهم الكردية رفضت تجنيدهم في صفوف ذاك التنظيم الإرهابي المجرم.

الأمهات المعتصمات، لم يذهبن لأي مقر آخر سواء حزبي أو رسمي تابع للدولة في ولاية ديار بكر التركية، بل يعتصمن أمام مقر "الشعوب الديمقراطي".. لماذا هذا المقر بالتحديد دون غيره؟

لأنهن يعرفن جيدا أن من خطف أبناءهن وأرسلهم للجبال من أجل القتال مع PKK الإرهابي، هو حزب "الشعوب الديمقراطي" الذي أصبح يُعرف في تركيا أنه الجناح السياسي لهذا التنظيم الإرهابي.

هذا الحزب الذي يتاجر بالأكراد خدمة للإرهاب، قُدمت له كل التسهيلات ليترك خيار الإرهاب ودعم الإرهاب، وينضوي تحت قبة البرلمان في عمل سياسي مشروع يناضل فيه لتحقيق تطلعاته، حتى أن رئيسه خاض انتخابات رئاسية في تركيا، أي أنه لو فاز لكان هو رئيس تركيا!

بعد كل ذلك مازال مصرا على دعم الإرهاب وخطف الشباب وتجويع المناطق التي يسيطر فيها، ومازال مصرا على توجيه الاتهامات الباطلة للحكومة التركية، ولحزب العدالة والتنمية، وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

مازال مصرا على زرع الأوجاع والآلام في قلوب الأمهات الكرديات اللواتي اكتشفن في نهاية المطاف أن تنظيم PKK الإرهابي لا يخدم الأكراد بل يدمر مناطقهم ويحرق مستشفياتهم ومدارسهم ويقتل رجالهم ويخطف شباباهم ويتاجر بأطفالهم... أمهات اكتشفن أيضا أن "الشعوب الديمقراطي" يخدم وعلنا هذا التنظيم الإرهابي، فقررنا إطلاق ثورتهن بوجه الظلم والقتل.

من يزور الأمهات المعتصمات في ديار بكر، اللواتي يفترشن الأرض، سيرى في عيونهن الحسرة على فلذات أكبادهن المخطوفين.. سيرى في عيونهم المعاناة من ظلم الإرهاب بصورتيه العسكرية و"البدلة الرسمية".

من يزور مكان الاعتصام، سيرى أنه يقف أمام ثورة حقيقة لم تحصل من قبل في تلك المنطقة، ضد من يدعي زورا أنه يمثل الأكراد.

من يمثل الشعب وخاصة الأكراد هناك.. من يبني ويعمر كالحكومة التركية أم من يحرق ويهدم كتنظيم PKK الإرهابي وداعميه السياسيين؟!

من يمثل الشعب وخاصة الأكراد هناك.. من يطوّر ويهتم ببناء إنسان متعلم قوي كالحكومة التركية أم من يصل على التخلف والهمجية ويتعمد ترك الناس جهلاء فقراء كتنظيم PKK الإرهابي وداعميه السياسيين؟!

ما يحصل اليوم في ديار بكر، ثورة حقيقية على الظلم.. ثورة لن تنتهي أبدا إلا بإسقاط القناع كاملا عن كل من يدعم الإرهاب لأهداف تخريبية وأحقاد وبغضاء.. ثورة لن تهدأ قبل أن تكشف للداخل والخارج كذب من يتاجر بالأبرياء والأطفال والشباب، وكذب من يلبس "البدلة الرسمية" وهو في حقيقته مشروع إرهاب وتخريب وتخلف.

اليوم، تسطر الأمهات الكرديات ملحمة تاريخية بهذا الصمود وهذه الجرأة رغم أن أبناءهم مازالوا بقبضة الإرهابيين وبالتالي الخطر على حياتهم قائم، إلا أن وقت الثورة قد حان مهما كان الثمن باهظا.. وقت الثورة "الكردية" بوجه من يتاجر بالأكراد أطلقته فعلا أمهات قلوبهن تعتصر على فقد أبنائهن.

قريبا ستنتصر هذه الثورة بوجه الإرهابيين، لتسود العدالة والتنمية تلك المناطق المحرومة بسبب هجمات الإرهابيين.. قريبا ستنتصر هذه الثورة وسيكون صداها قويا جدا ليصل لكل عاصمة إقليمية ودولية تدعم أولئك الإرهابيين.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس