ربيع الحافظ - خاص ترك برس

النظام الملكي يسقط بإزاحة العائلة المالكة.

النظام العسكري يسقط بإزالة الجنرال الحاكم.

النظام الديمقراطي يسقط عندما تحاصر الدبابات البرلمان.

في جميع الحالات يسقط النظام بتفكيك مركز العصب فيه.

ما الذي يمكن إزالته في نظام بغداد كي يسقط؟

النظام الذي يحكم العراق منذ 2003 لديه برلمان وحكومة ووزارة دفاع واذاعة وثكنات عسكرية لكنها هذه لا تمثل عصب إدارته أو بناه التحتية (الأمنية) الحقيقية وهي بالتالي ليست أهدافًا لعملية التغيير أو مكانا يتلى من شرفته البيان رقم واحد كما يحدث في الطرق التقليدية.

هذه المؤسسات هي واجهات لتفاهمات بين المليشيات السياسة التي اقتسمت الحكم، وتوجيه النقد إليها لا يحمل أي قيمة. لا يوجد في هذا النظام مكان حقيقي قابل للإسقاط او يتوجه إليه المتظاهرون.

النظام الذي يحكم العراق منذ 2003 على أهبة دائمة لمواجهة ثورة إصلاحية يسترد بها المجتمع ما فقده، هو كمن يسرق كنزا ويفرقه في أماكن متعددة فلا يدع للشرطة فرصة الإغارة عليه مرة واحدة، بالمثل فإن المليشيات سرقت المجتمع وزعت مكاسبها الادارية بما لا يمكن الإغارة عليها وضبطها.

المظاهرات الشجاعة التي يخرج فيها بسطاء ومسحوقون في مدن متعددة في العراق (وتخترقها المليشيات وتوجهها لغاياتها) حدث مثلها في إيران على نطاق أوسع ولم تجد امامها أهدافًا تتوجه إليها وكان الإخماد حتفها الطبيعي.

السبب أن مؤسسات الحكومة في إيران (الأنموذج المستنسخ في العراق) ليست هي مؤسسات النظام التي إذا ما حوصرت سقط، وليس في إيران جيش أو شرطة يمكن أن ينحازا إلى الشعب إنما مليشيات الحرس الثوري والباسيج التي حلت محل الجيش والشرطة واللتان يقلدهما الحشد الشعبي.

نظام حكم المليشيات نظام غاية في التعقيد (لا سيما مع دور المرجعية الراعي له) لا يمكن لأي مجتمع التحرر منه من دون استئصال المليشيات وهو ما لا يتحقق بدون تدخل خارجي.

لا بد من إشراف دولي يطالب به المجتمع وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.

لهذا السبب لا يسقط نظام بغداد.

عن الكاتب

ربيع الحافظ

باحث وكاتب عراقي، متخصص في العلاقات الاستراتيجية العربية التركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس