ترك برس 

نشر موقع "مودرن دبلوماسي" تحليلا للبروفيسور الإيطالي، جيان كارلو فالوري، تناول فيه التطلعات التركية الإقليمية، وسبب وجودها في سوريا وتعاونها مع روسيا. 

ويجيب الكاتب بأن أول أهداف تركيا هو استقرار سوريا، وليس فقط المسألة الكردية، وثانيا منطقة شرق البحر المتوسط، ​​وأخيرًا المواقع التركية في منطقة البحر الأسود.

وأوضح أن المسألة الكردية التي تعتبر واضحة بالنسبة لتركيا، تتعلق بوعيها بالحاجة للسيطرة على جناحها الشرقي دون مشاكل. 

 وهناك أيضًا قضية الطاقة، بالنظر إلى أن تركيا تشتري معظم نفطها وغازها من روسيا، وتريد أن تضطلع بدورا حاسم في عمليات الاستخراج الجديدة التي يتم إعدادها في منطقة شرق البحر المتوسط​​، بين قبرص ولبنان وإسرائيل و اليونان.

ويلفت فالوري إلى أن  تركيا متعطشة للاستثمار الأجنبي، ويجب أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند تحديد المعادلة الاستراتيجية التركية.

ويضيف أن شراء تركيا مؤخرًا لمنظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 يضعها في وضع يمكنها من إعادة توازن علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة، وإن كانت مصالح تركيا وروسيا في منطقة البحر الأسود تميل إلى الصراع.

وأردف أن العلاقة بين روسيا وتركيا نشأت من التصور التركي بأن الولايات المتحدة متورطة بطريقة ما في محاولة الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016. وعلاوة على ذلك، تريد روسيا إخراج تركيا من بيئة الناتو الجغرافية الاستراتيجية، سواء من خلال بيع أسلحة مثل S-400 ومع تفاقم التوترات الحكيم بين أنقرة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

لكن فالوري يستبعد ما يتردد عن خروج تركيا من المعسكر الغربي، ويقول إن الرئيس أردوغان ما يزال لديه سياسته الأوروبية الخاصة، وليس لديه مصلحة في التخلي بشكل نهائي عن الولايات المتحدة الأمريكية.

ورأى أن هناك ثلاثة عوامل تجعل التعاون الأمني ​​والدفاعي الكامل بين تركيا وروسيا أمرا صعبا، وهي على التوالي الوجود المهم لتركيا داخل الناتو، والأزمة الأوكرانية وأخيرا ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. 

وفيما يتعلق بمنظومة إس 400، فإذا تمكنت تركيا من اتخاذ قرار سريع وبصورة جيدة بشأن طائرات F-35 وصواريخ باتريوت الجديدة وبعض المنتجات المشتركة للأسلحة مع الغرب، فمن المؤكد أنها ستعرف كيفية الخروج من الاتفاق مع روسيا بشأن إس 400، دون أن تقوض بشدة علاقاتها مع روسيا.

أما بالنسبة لتجارة الطاقة بين تركيا وروسيا، فإن الأولى تعتمد على 55٪ من احتياجاتها من الغاز الطبيعي و12٪ من احتياجاتها النفطية، ولا يمكنها استبدال الواردات من روسيا بسهولة. وعلاوة على ذلك، تصدر تركيا معظم وارداتها من النفط والغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي. 

ويتابع فالوري أن تركيا وروسيا أنشأتا صندوقا ماليا لتنظيم علاقاتهما الثنائية، يهدف إلى تقوية العملة المحلية  مقابل الدولار الأمريكي.

ووفقا له، فإن هذا الصندوق يعمل أيضًا على دعم هدف تركيا الحقيقي والتقليدي في أن تصبح مركزًا كبيرا لتصدير للنفط الروسي، ونفط الشرق الأوسط وبحر قزوين إلى أوروبا.

يتمثل الاهتمام الاستراتيجي الأساسي لتركيا في الوقت الحالي في تقليل اعتمادها على النفط والغاز الروسي، وكذلك زيادة نفوذها كمنطقة عبور ضرورية لجميع تجارة الطاقة من الشرق الأوسط ومن الاتحاد الروسي.

وفيما يتعلق بالبحر الأسود، يقول الكاتب إن وجود الناتو في منطقة البحر الأسود أمر أساسي بالنسبة لتركيا  التي تخشى بشكل أساسي أن يصبح البحر الأسود بحيرة روسية، على حد قول الرئيس أردوغان نفسه. 

وعلاوة على ذلك، فضلت تركيا التأصيل المؤسسي لحلف الناتو في البحر الأسود، عن طريق تشكيل فريق عمل بين تركيا وبلغاريا ورومانيا وإيطاليا وألمانيا بدعم تكتيكي من الولايات المتحدة.

ومثلما تشعر تركيا بالقلق من الوجود العسكري الروسي في سوريا وأرمينيا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية فإن وجود روسيا في شبه جزيرة القرم لا يزال يغذي المخاوف التركية من الحصار الروسي.

وإذا كانت تركيا تجنبت دعم العقوبات الغربية على روسيا  لضم شبه جزيرة القرم ودونباس، لأسباب براغماتية، كما يقول فالوري، فإنها اتخذت إجراءً دقيقًا وحاسما ضد الضم الروسي لشبه جزيرة القرم ولحماية الأقلية التتارية المحلية.

وختم الكاتب مقاله بأن تركيا ستواصل تعزيز علاقاتها مع روسيا، لكنها لن تقيم مطلقًا علاقة إستراتيجية مستقرة معها، على حساب مشاركتها في الناتو باعتبارها القوة الثانية بعد الولايات المتحدة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!