نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تزداد سخونة الأوضاع في إدلب. فبينما تحشد تركيا قواتها في المنطقة، تستقبل من جهة أخرى وفودًا دبلوماسية من بلدان عدة.

أجرت أنقرة مباحثات مع وفد روسي، أعقبها اتصالان هاتفيان بين أردوغان وبوتين، لكن التصريحات تشير أن الطرفين لم يجدا قاسمًا مشتركًا. 

فتركيا وجهت إنذارًا مباشرًا إلى الأسد، وبالتالي غير مباشر إلى روسيا، من أجل سحب قواته حتى الخط المنصوص عليه في اتفاق سوتشي، حتى نهاية الشهر الحالي. 

وبما أن هناك تاريخ محدد وحدود مرسومة فإن هامش المناورة لدى الطرفين بات ضيقًا للغاية. 

بعد الوفد الروسي، استقبلت أنقرة مسؤولين أمريكيين، أظهروا تفهمًا أكبر من نظرائهم الروس، حسب ما هو متوفر من معلومات. وفوق ذلك أكدوا على الموقف المحق لتركيا وأعربوا عن عزمهم ورغبتهم بتقديم الدعم لها.

في الواقع، إدلب ليست إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد، والمشكلة الحقيقية تكمن في العلاقات التركية- الروسية والتركية- الأمريكية.

فمن الممكن اعتبار المفاوضات المتوترة شرارة للتطورات الساخنة اللاحقة عقب المشاحنات التي بدأت في سوريا. 

إذا وضعنا مساحة سوريا ومدة الحرب الداخلية والمناطق الخارجة عن سلطة الأسد، نرى أن إدلب منطقة محدودة التأثير على الصعيد التكتيكي. 

ويبدو أن إدلب خرجت من كونها مشكلة تكتيكية مع دخول الولايات المتحدة المشهد بسرعة، وأصبحت أداة للتنافس على الصعيد السياسي. 

بهذا التوصيف من الناحية السياسية، أصبحت إدلب محكًّا للعلاقات التركية الروسية. بعبارة أخرى، يبدو أن العلاقات، التي تتطور مع المشاكل البنيوية والاحتياجات الآنية، ستشعل أول فتيل للانهيار. 

السؤال المطلوب الإجابة عنه اليوم هو ما هي نوايا بوتين من أجل المستقبل. 

سيختار بوتين واحدًا من الاحتمالين التاليين: 

أولًا، إذا كان يفكر بأن الوقت حان لوضع العلاقات مع تركيا على أرضية جديدة فهو لن يأخذ في الاعتبار رسالة أنقرة بإطلاق عملية عسكرية في إدلب مع نهاية الشهر الحالي ولن يتراجع. وهذا يعني إطلاق تركيا عملية عسكرية متوسطة النطاق ضد الأسد. 

ثانيًا، أن يقدم بوتين على خطوة للوراء، ويقنع الأسد بالانسحاب لما وراء الخط المنصوص عليه في اتفاق سوتشي. وبذلك سيحول دون عملية عسكرية محتملة ويمنع الولايات المتحدة من خلق فرصة تستثمرها من الوضع.

في كلا الحالتين سيعيد بوتين تموضعه من خلال البحث عن سبل لجعل تركيا، التي فقدت ثقتها به، تدفع ثمنًا مكلفًا.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس